هل ينتصر المصريون على الهزيمة النفسية ؟

من طرف **abdoegypt** الأربعاء نوفمبر 23, 2011 7:57 pm

لا ينهزم المرء أول ما ينهزم إلا من نفسه ولا تنهزم الطائفة أولاً إلا من داخلها وهى الهزيمة النفسية، ولا يؤتى القوم إلا من قبل أنفسهم وما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه،
ولهذا فالتغيير يبدأ من النفس والانتصار ينشأ فى البداية على النفس ثم
ينتشر وقال تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

لقد
انتصر المصريون فى ثورة يناير بفضل الله ثم بفضل انتصارهم على الهزيمة
النفسية التى ظلت لعقود جاثمة على صدورهم، ولن يخرج المصريون من أزمتهم
الراهنة إلا بإذن الله ثم باستكمال ذلك النصر والتخلص التام من أعراض
الهزيمة النفسية ومنها:

1- الشعور
التام باليأس من إمكانية استمرار نجاح الثورة والإحباط من إمكانية تغيير
الواقع وترداد مقولة "مفيش فايدة – هنصلح عشر أجيال بعد المخلوع ازاى –
الناس هى الناس – البلد عايزالها 100 سنة عشان تنضف"،
وصف الرسول صلى الله عليه وسلم هذه النفسيات وصفاً دقيقاً فى الحديث الذى
رواه مسلم "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم" بضم الكاف أو بفتحها، يعنى لو بالضم فهو أكثرهم هلاكاً وضياعاً، ولو بالفتح فهو الذى أهلكهم بكلامه فهو مجرد كلام منه وهم ليسوا فى الحقيقة كذالك، فهذا حديث جميل يصف هذه النفسية المتشائمة اليائسة من التغيير المستسلمة للواقع.

2- قبول الحلول الاستسلامية أو الحلول الانهزامية أو بأرباع الحلول،
ألا ترى أيها القارئ الكريم أن المصريين لما تخلصوا من ذالك العرض نجحوا
فى ثورتهم – فهم طيلة العقود المنصرمة يقولون "أحسن من غيره – اللى نعرفه
أحسن من اللى منعرفوش – انتم عايزين تخلوها عراق تانية ولا ايه"، تخيل معى لو آمن المصريون كلهم بهذه المقولات هل تحركوا من بيوتهم أو ثاروا ثورتهم؟، وهذا هو السر فى أن الشباب هم طليعة الثورة لأن اليأس والاستسلام أبعد عنهم وأقرب لغيرهم.

3- إخفاء
الهوية العربية والإسلامية وفقدان العزة بالإسلام فمع الشعور بالانهزامية
يخفى (المصرى) عروبته وإسلامه خشية أن يتهم بالتطرف والأصولية والإرهاب،
أذكر هاهنا قصة الصحابى ربعى بن عامر رضى الله عنه فى حرب المسلمين مع
الفرس لما طلب رستم قائد الفرس مفاوضين من المسلمين فجاءه ربعى بن عامر
مفاوضاً عن سعد بن أبى وقاص قائد المسلمين فقال رستم " ما جاء بكم" فقالى
ربعى - فى عزة المسلم وقوته-: "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة
العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الحكام إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا
إلى سعة الدنيا والآخرة"، وكان رستم يقول "ماأتعسنى ليس فى جيشى هذا إلا
ألف غانية وطباخ"، جاء
ربعى بن عامر من البادية يرتدى ثياب البدو ومعه سلاحه وكان رستم قد أعد
مجلساً عظيماً مليئاً بالزينة والمجوهرات والفرش والوسائد فقالوا لربعى
"انزع سلاحك" فرد قائلاً: "أنتم دعوتمونى ولم آت إليكم فأدخل بسلاحى وإلا
خرجت" فدخل بسلاحه ورمحه يتكئ على الوسائد الناعمة الموضوعة حتى خرق معظمها حتى وصل إلى رستم وربط دابته.

4- ترك الأهداف العالية والرضى بالهدف القريب المحدود، فيقول "الحمد لله كده رضا - احنا كنا لاقيين – احنا كنا بنحلم بنص كده يعنى – كفاية شلنا الراس الكبيرة"، صفة الطموح العالى أيها المواطن مطلوبة والله تعالى يقول: "الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً"، فالهدف عالى وسامى لدرجة أن يجعلنا قدوة للمتقين ليس للصالحين فقط ولا للمسلمين فحسب ولكن قدوة للمتقين، وهذه همة عالية،
أيها المصري ارفع رأسك واستمر فى رفع شعار : لن نستعبد من بشر بعد اليوم –
لن نرضى بالهوان بعد الساعة – لن نعطى الدنية – لن نقبل بالدونية – لن
يحكمنا الا من نختاره"، كما انبهر العالم بثورتنا لابد أن ينبهر ببناء حضارتنا، أكثر شعوب العالم تحضراً قلدوا ثورتنا فلم لا يعود المصريون لقيادة العالم.

5- التخاذل والتكاسل عن تبليغ الحق ونشر الخير والعدل بدعوى" لن يستمع أحد – الوضع لن يتغير – إنت بتدن فى مالطا – انت هتصلح الكون".

6- اقتناع البعض بتشريعات البشر بدلا من شرع الله بسبب الافتتان بحضارة الغرب وتقدمهم.

7- وبعد أن تعرفت - أيها القارئ الكريم – على أعراض المرض إذن فما هى أسبابه ؟:

أسباب داخلية: تتمثل فى الآتى:

· ضعف الإيمان لدى البعض وضعف الهمة واليأس من استكمال المسيرة.

· الخوف والهلع من العواقب إذا تمسك المصريون بهويتهم العربية الإسلامية.

· كثير من المصريين لا يعرفون طاقاتهم الحقيقية – انظر إالى تفوق المصريين فى الخارج إذا أتيحت لهم الفرصة، انظر لما ثاروا اهتزت العروش وليس معهم الجيوش – لما صاحوا فى الميدان تساقطت الرؤوس بلا نيران.

· ضعف الطموحات،
سأل على بن أبى طالب رضى الله عنه ابنه تريد أن تكون مثل من فقال له أريد
ان أكون مثلك فقال له : لا بل قل: إنك تريد أن تكون مثل رسول الله صللى
الله عليه وسلم لأنه إذا كان هدفك أن تكون مثل علىّ فلعلك لا تصل إلى علىّ
ولو كان هدفك الرسول وهو قدوتك فقد تكون أفضل من علىّ.

· "عقدة
المغلوب" التى وصفها ابن خلدون بقوله : "إن المغلوب مولع بالاقتداء
بالغالب فى شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده – ويل للمغلوب من
الغالب"

أسباب خارجية:

1- قوة الأعداء مع المبالغة فى تضخيمها والله تعالى يقول " وما يعلم جنود ربك إلا هو" وهذا مع ضعف الثقة فى قدراتنا.

2- الطابور
الخامس الذين هم من شبابنا ومن جلدتنا ولكنهم تقمصوا شخصية الغربيين
ويريدون منا أن نرتمى فى أحضانهم ونتخلص من من مصدر عزتنا.

العلاج: لا علاج أيها المصريون إلا بأن نعرف مشكلتنا ومكمن دائنا ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه، وما نجا من نجا إلا بمعرفة نفسه وما هلك من هلك إلا من تحت يده، لابد من التربية على الإيمان الصحيح والعمل الجاد، وأول طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، طريق الحق والخير - عباد الله - ليس محفوفاً بالورود وإنما هو ملىء بالأشواك وقد قال تعالى " الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"، فالصدق ليس ادعاءاً بأن نقول :"نيتى طيبة – قلبى طيب"، إنما هو إقدام – عمل – تضحية – عطاء،
لابد من الرجعة إلى التاريخ حتى نعلم كيف قاد المسلمون العالم وأنقذوا
البشرية وبنوا الحضارة عن طريق الاستمساك بعقيدتهم وهويتهم والتفانى فى
أعمالهم. لابد أن يتربى الشباب على علو الهمة كما كان يربى النبى صللى الله
عليه وسلم أصحابه على كسب الرزق عن طريق الكدح ويأمرهم بالترفع عن مسألة
الناس – بل بايع بعض أصحابه على ألا يسأل الناس شيئاً فكان الصحابى يسقط
سوطه على الأرض فلا يطلب من أحد أن يناوله إياه. وكان يعلمهم أن يستعيذوا
بالله من العجز والكسل صباح مساء،
لابد من رفض التشاؤم والقضاء على اليأس والثورة على الكسل والانتصار على
الهزيمة النفسية وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم القائل "بشر هذه الأمة بالسناء والنصر والتمكين".