رقم الزائر
.:: أنت الزائر رقم ::.بحـث
ساعه المنتدى
المواضيع الأخيرة
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1750 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو Shimaa mohamed فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 33047 مساهمة في هذا المنتدى في 8852 موضوع
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المدير العام | ||||
ريهام | ||||
عين الحياه | ||||
لؤلؤة المنتدى | ||||
سحر الشرق | ||||
abdullah99 | ||||
امانى | ||||
رحيق الايمان | ||||
احمد عبدالباسط | ||||
joka.jaky |
دخول
مجموعة منتديات مصر الحره
مجموعه منتديات مصر الحره |
زيارة هذه المجموعة |
اشتراك في مجموعه منتديات مصر الحره |
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات مصر على موقع حفض الصفحات
قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات مصر الحره على موقع حفض الصفحات
سلسلة { اعترافات فتاة } (15)
صفحة 1 من اصل 1
سلسلة { اعترافات فتاة } (15)
- 38 -
نفحة اعتذار معطرة.. أبعثها مع كل الحب للغالية التي قد تعنيها القصة..
لا أعني شيئاً هنا يا صديقتي.. سوى أنك إنسانة رائعة..
صديقة الشمس
[size=16]حين كنت أحضر باكراً بالحافلة.. وأتوجه لقاعة الكافتيريا لأتناول فطوري..
كنت أراها هناك..
كانت تجلس في نفس المكان.. على تلك الطاولة إلى أقصى اليسار.. قرب النافذة الكبيرة حيث تدخل أشعة الشمس..
كنت أستغرب كيف تجلس تحت الأشعة.. ألا تشعر بالحر؟ لماذا لا تغير مكانها..
لذا كنت أسميها في نفسي
(صديقة الشمس)..
كنت أراها دائماً تمسك بكتاب وتقلب صفحاته وهي تفطر وحدها..
كنت أجلس في جهة مقابلة لطاولتها.. أحاول أن أراقبها فأجدها تلمحني..
ابتسم لها فترد الابتسامة..
كانت ترتدي دائماً ملابس واسعة بألوان باهتة.. تشد شعرها بقوة إلى الخلف.. وبشكل مرتب جداً.. وترتدي نظارة طبية بلا إطار..
مع مرور الأيام.. ومع كثرة رؤيتي لها..
نشأت علاقة ألفة بيني وبينها.. دون أن أتحدث معها.. كنت أعتبرها صديقتي التي لم أتعرف عليها..[/size]
ذات يوم التفتُّ وأنا أسحب صينيتي على رف البوفيه.. فإذا بها خلفي..
انتهزت الفرصة لأسمع صوتها وهي تشير لعاملة البوفيه..
- جـ.. جـ.. جـ.. جججـ..
استغربت وأنا أحاول إبداء عدم اهتمامي..
بدأت تضغط بقوة.. حتى نطقت..
ـ ججبن .. أبيض..
ارتاحت لأنها نطقت بها بعد صعوبة ثم أكملت..
ـ لو سمحت..
ألقيت نظرة سريعة عليها أثناء سيري..
وجدت يديها ترتجفان وهي تحمل صينيتها..
كانت هذه فرصتي لأفتح معها موضوعاً.. كنت أتمنى أن أتعرف عليها.. لا أعرف لماذا..
ابتسمت لها.. فردت بابتسامتها التي اعتدتها كل صباح..
لم أجد ما أقوله.. شعرت بالحرج.. ومضيت في طريقي نحو طاولتي التي أجلس عليها كل يوم..
ورأيتها تجلس هي الأخرى في مكانها.. تحت أشعة الشمس..
* * *
في اجتماعنا العائلي الأسبوعي.. فتيات كثيرات..
بنات عماتي وأعمامي ..
أنظر إليهن طويلاً..
أقصى اهتماماتهن المكياج وصبغات الشعر..
أحدث جوال في السوق.. أو المظهر الجديد للمغنية المشهورة..
أففففففففف..
أشعر بالملل..
- فايزة.. ليش ما تصبغين شعرك؟
كم يضايقني هذا السؤال..
ـ أحب لونه..
- لكن أنت بيضاء.. حلو لو صبغتيه أحمر نحاسي..
كيف يمكن أن أدخل في جدال حول موضوع كهذا..
نظرت إليها.. واكتفيت بالصمت..
في تلك اللحظة كنت أشعر بحاجة ماسة لشخص عاقل أتحاور معه.. أتحاور معه حول موضوع.. (يستحق) الحوار..
* * *
صباح الأربعاء ممتع دائماً.. وخفيف..
توجهت لقاعة الكافتيريا.. لمحتها تجلس في نفس طاولتها.. تحت الشمس..
ما شاء الله!.. تأتي مبكرة جداً.. كل يوم..
كنت أتمنى أن أراها أمام بوفيه الطعام مثل ذلك اليوم لعلي أفتح معها حديثاً..
حين وضعت صينيتي على رف البوفيه لمحت كتاباً.. لم يكن أحد يأبه به..
اقتربت منه.. غلاف قديم.. (الأرض الطيبة).. يا الله.. قرأتها منذ زمن طويل..
بشوق غريب.. فتحت الغلاف.. عليه ختم مكتبة الجامعة.. إنه للإعارة..!
مسكينة صاحبته.. يجب أن تستعيده وإلا فهي في مشكلة..
نظرت حولي في القاعة.. من يمكن أن تكون التي قد اختارت هذا الكتاب؟ من صاحبة الحس الأدبي الرفيع؟
كانت القاعة فارغة تقريباً.. لم يكن هناك سوى فتاتان إحداهما ضخمة.. ذات شعر قصير جداً.. لا يناسبها.. معها صديقة نحيلة ذات شعر طويل خفيف يلمع بالزيت على ما يبدو من بعيد..
لا أعرف لم.. لا أتخيل أن إحداهما يمكن أن تكون صاحبة الكتاب..
هناك فتاتان سمراوان تضحكان طوال الوقت.. ترتديان قمصان بألوان فاقعة.. إحداهما تضع النظارات السوداء الرخيصة.. والثانية تضع سماعات الهيد فون..
حسناً لا يمكن..
وهناك.. في أقصى القاعة على اليمين..
تجلس صديقتي.. التي لا أعرفها.. (صديقة الشمس).. قرب النافذة..
تشرب كوب شايها بهدوء.. وقد سقطت أشعة الشمس عليها..
أنهيت أخذ طعامي.. ثم توجهت بصينيتي وبالكتاب.. نحوها..
ـ السلام عليكم..
نظرت إلي وهي تبتسم كعادتها..
ـ وعليكم السلام..
وضعت الصينية على الطاولة ورفعت يدي بالكتاب..
حين نظرت إليه استغربت..
ـ أوه!! كتابي.. شكراً.. أين وجدته..؟
ابتسمت..
ـ هناك على الرف.. خمنت أنه لك..
ـ أشكرك.. جزاك الله خيراً..
فكرت سريعاً.. يجب أن أجد وسيلة لفتح حوار.. لن أضيع الفرصة..
ـ كتاب رائع.. قرأته حين كنت في الثانوية..
ـ ما شاء الله!! أنت تحبين القراءة..
ـ أووه!.. أحب القراءة؟.. يمكنك أن تسميني (دودة) كتب..
ـ حقاً؟ لأول مرة أجد فتاة مثلي تحب القراءة..
ـ هل تسمحين لي أن أجلس في طاولتك..
ردت بفرح..
ـ بالطبع تفضلي..
بدأنا نتبادل الحديث بسرعة حول العديد من القصص والكتب.. وحول هواياتنا ووجدنا الكثير من التشابه بيننا..
لاحظت أنها أحياناً.. تقف عند حرف معين.. وتضغط عليه وتكرر نطقه كثيراً..
كانت تشعر بالحرج وتغمض عينيها وكأنها تريد أن تهرب من نظراتي أو نظرات من حولها.. وتضغط على أسنانها.. وتحمر أذنيها.. ثم تكمل باقي كلامها بشكل طبيعي..
أصبحنا نجتمع كل يوم في الصباح.. في الكافتيريا..
نتبادل الأحاديث.. ونتناول وجبة الفطور مع وجبة لذيذة من الثقافة والأدب..
وأخبرتها أني كنت أسميها (صديقة الشمس)
فضحكت.. وقالت أنها لم تشعر يوماً بحرارة أشعة الشمس خصوصاً حين تستغرق في القراءة..
* * *
ذات صباح صيفي..
حين بدأت ترتاح لي أكثر.. ودون مقدمات.. قالت..
ـ أنا أكثر ما يحرجني.. هو.. هذا الثقل في لساني كما ترين.. لا أحب التحدث مع الآخرين لهذا السبب.. الكل ينظر إلي.. دون أدنى اهتمام بمشاعري.. يحدقون بي بكل غباء..
سكت.. لم أقل شيئاً..
ـ لهذا أهرب للكتب..
وابتسمت لي..
وسكتُ أيضاً..
أكملنا تناول فطورنا..
ـ لم أكن هكذا من قبل.. كنت طبيعية جداً.. حين توفي والدي فجأة وأنا في المرحلة الثانوية.. أصبت بهذا الثقل في لساني..
ـ سبحان الله..!
ـ نعم..
* * *
عدت للبيت وأنا أفكر في صديقتي.. وكيف يمكن أن تتجاوز أزمتها..
كنت موقنة أن علتها.. لها علاقة بألمها وحزنها لوفاة والدها.. شيء غريب..
كان أخوتي يتصارعون في الصالة.. ورائحة العرق تفوح بشكل مقزز..
صرخت فيهم..
ـ نويصر!.. عبيد!.. بس.. خلاص.. أزعجتونا.. ريحتكم قرف.. روحوا غرفتكم..
رفع سبابته إلى جانب رأسه..
ـ كيفنا وعلى مزاجنا..!!
ـ بعد؟؟!! حتى نويصر الذي لم يجاوز العاشرة أصبح (ينفخ) ويرد..
بحركة لا شعورية دفعته بيدي بقوة ليسقط على الأرض.. وخرجت من الصالة..
فإذا بصاروخ عظيم.. يرتطم برأسي المتعب من الخلف.. دووووووو.!!!!
آآآآآآآه.. يا الله.. ماذا حدث؟؟ الدنيا تدور..!
لقد ألقى علي (مسنداً) ضخماً كردة فعل انتقامية.. ليرتطم برأسي من الخلف..
حتى أني سقطت على الأرض.. ولم أستطع التوازن..
كنت أشعر بالألم يخترق رأسي وعنقي ويصل لأسناني وعيني وجبهتي..
كنت أغلي من شدة الغضب.. والانفعال..
لم أعرف ما أفعل..
أخذت أبكي وأصرخ.. دون وعي..
وحين أتت أمي..
ورأتني على الأرض ممسكة برأسي لم أكن قادرة على الكلام من شدة الغضب والألم.. كانت الكلمات تختنق بدموعي.. أقسم أني حاولت أن أكون عبارة فلم أستطع من شدة الغضب والحزن والألم..
وبصعوبة شديدة استطعت أن أنطق اسم أخي (الذي هرب من المكان طبعاً)..
أصبت برضوض في العنق.. ولم أكن قادرة على تحريك رأسي بحرية لعدة أيام.. لكن الحمد لله..
شعرت لأول مرة بشعور صديقتي.. حين تحاول إخراج كلمة فلا تستطيع فتعتصر عقلها لعدة ثواني حتى تنطقها..
عرفت أن السبب هو مشاعر حبيسة.. مشاعر ألم.. حملتها معها وكبتتها منذ وفاة والدها.. ولم تستطع التخلص منها..
ـ جواهر.. لديك مشاعر لم تمت.. تخلصي منها..
نظرَتْ بصمت.. واستغراب..
ـ مشاعرك هي التي تشل قدرتك على الحديث بحرية..
اتركي الباب مفتوحاً لها لتخرج.. لا تحبسيها داخلك.. لأنها ستضر..
قد لا تشعرين بها.. لكنها موجودة.. تخنقك..
كانت تتنفس بصوتٍ عال.. وهي تحدق بي باهتمام..
ـ أنا جادة.. يجب أن تتحدثي عن هذه المشاعر بمنتهى الصراحة لترتاحي..
وقفت فجأة وأمسكت يدها..
ـ قومي.. هيا يا صديقة الشمس.. آن الأوان لأن تختاري مكاناً آخر تجلسين فيه.. قبل أن تحرقك.. دون أن تشعري..!
**
مجلة حياة العدد (70) صفر 1427هـ
- 39 -
ليس ثمة بكاء تحت الباب
كانت منيرة تضع الحناء على رأسها حين دخلت غرفتي..
ـ (أفففففف .. شالريحة..؟!)
ـ حمد الله! أي ريحة؟ حناء..
ـ لا ! .. شكله فيه بلاوي..
ـ ما فيه شي .. بيضة وشوية ثوم بس..
ـ بسسسسسسسسس؟! يا سلام .. طيب تفضلي برا .. قبل لا..
فجأة.. دخل أطفالها خلفها.. وهجوووووم جنوني على غرفتي..
ـ أطلعوا برا.. عندي اختبار.. حرام عليكم الساعة واحدة وأنا ما خلصت.. براااا..
انطلق عزيزان نحو أدراج مكياجي مباشرة..
فأسرعت أهجم عليه.. وأسحب من يده أرواجي..
حين التفت كانت ريّوم قد قفزت على سريري وأمسكت بالقلم وبدأت ترسم على ملزمتي..
ـ منيييييييييييييييييييييييرة.. طلعي قرودك بسرعة..
مطت منيرة شفتها وأعطتني ظهرها دون أي اهتمام مبتعدة تاركة رائحة الثوم تفوح خلفها..
أمسكتهم من ياقة بيجاماتهم.. ورفعتهم لأعلى مثل جراء القطط ورميتهم خارج باب غرفتي وهم يبكون.. وأغلقت الباب..
وهنا .. بدأ الصياح .. والبكاء..
يا الله .. يا ربي .. ماذا أفعل الآن..؟
أصوات بكاء مزعجة .. وأنا أريد أن أدرس..
ريوم تضع فمها تحت فتحة باب غرفتي وتبكي..
ـ خالة حصووووص .. الله يخليك .. آآآآآآآآآ..
يتبعها صوت عزيزان الخشن..
ـ هالة هسوووووووس .. عآآآآآآ .. عااااااا...
ـ أقول .. الله ياخذكم..
وأفكر قليلاً فأستغفر الله ..
ـ أستغفر الله .. الله يهديكم ويصلحكم .. روحوا عند ماما نورة .. وإلا ماما منيرة يالله روحوا لا أذبحكم...
ـ لااااااااا .. نبي عندك..
أفففففففففف .. يا الله .. مشكلة .. يا لها من مشكلة..
أحاول حل مسألة بسيطة فلا أستطيع التركيز..
كم مول يوجد في 50 ملجم من نترات الصوديوم إذا علمت..
(هاااااالة هسووووووووس .. عآآآآآآآآآآآآآآآآآآ..)
كم مول يوجد في 50 ملجم من هسوس .. وجع!!
عزيزاااااااااان .. بس يا البعير!
منذ ستة أشهر وأختي منيرة تقيم لدينا بعد خصامها مع زوجها .. وهؤلاء القرود يعيثون في بيتنا فساداً..
لم أعد قادرة حتى على الدراسة لمدة نصف ساعة!
يا الله..
رغم شقاوتهم .. وأذاهم .. إلا أني أشعر بالعطف عليهم .. إنهم مثل الأيتام..
حسناً .. سأفتح لهم..
لا .. لا! .. يجب أن أدرس .. اختباري غداً صعب جداً .. سأتركهم يبكون إلى الغد..
كل هذا بسبب أمهم..
مهما قالت .. ومهما قالت أمي..
ما كان عليها أن تتخذ قراراً مصيرياً كطلب الطلاق .. لأسباب تافهة ..
(لا يخرج بي .. دائماً عند أهله .. لا يهتم بي ...!)
هل هذه أسباب تبرر لها أن تطلب الطلاق ولديها أطفال أبرياء..؟
فتحت باب غرفتي لأحضر بعض الماء .. فإذا .. بهم وقد ناموا عند الباب..
منظر مضحك .. ناموا وأفواهم عند فتحة أسفل الباب .. هه..
ناديت منيرة..
ـ منيييييييرة.. تعالي احملي أطفالك .. لقد ناموا على الأرض..
ـ احمليهم أنت..
ـ ماذا؟!
شعرت بالغضب من برودها..
ـ لن أحملهم.. سأدعهم هنا على السيراميك البارد..!
لم تهتم واستمرت تتابع مسلسلتها المفضلة .. يا للبرود!
ذهبت لأشرب الماء .. وعدت وهؤلاء المساكين على الأرض .. لكني كنت قد اتخذت قراراً بالـ (العناد).. والمشكلة أن أمي قد نامت .. فمن يحملهم..؟
ـ منييييييييييرة .. حرام عيالك شيليهم..!
ـ اصبري شوي..
كانت تتابع التلفاز بمنتهى الاهتمام في الصالة..
وأردت أن أعرف نهاية هذا البرود .. فضغطت على قلبي .. ودخلت غرفتي .. تاركة إياهم على الأرض .. مساكين..
سبحان الله ..
هل هو برود أم عناد .. أم لا مبالاة ..
كيف تترك أطفالها هكذا ..
عرفت الآن ماذا كان يعني زوجها حين قال أنه سئم من تحمل برودها وعدم اهتمامها ..
أختي للأسف .. إنسانة فارغة .. ليس لديها أي اهتمام بشؤون التربية أو التعامل مع الآخرين ..
ليس لديها أي حس بالمسؤولية..
كل ما يهمها فقط هو خلطات شعرها وبشرتها .. وتعلم طرق وضع المكياج .. ومتابعة تمارينها في النادي..
حين علم الناس بأنها (زعلانة) لدينا قامت الدنيا ولم تقعد .. شهقت جارتنا أم خالد..
(منيييييييييييييييرة؟! المزيونة؟! مالت عليه .. وين يلقى أحلى منها .. صحيح الزين ما له حظ..)
كنت أعلم أن أختي مليئة بالعيوب لكني سكت على مضض ولم أبح لأحد ولا حتى لأمي بفداحة أخطائها في التعامل مع زوجها وأطفالها..
لا ترى إلا نفسها .. لا تريد أن تبذل أي شيء .. ولا تهتم بأي شيء .. أطفالها ينامون جوعى .. ترتفع حرارتهم .. يجلسون مع الخادمة بالساعات.. لا يهم!! .. زوجها يعود فلا يجدها في البيت .. لا مشكلة..! يطلب منها حضور مناسبة مهمة مع والدته.. غير ضروري!.. يمرض زوجها ويتغيب عن عمله.. بينما تذهب للنادي بمنتهى اللامبالاة..!
حاول المسكين أن يصبر عليها من أجل الأطفال .. تحمل من أجلها الكثير .. أصبح يهرب من البيت لمنزل أهله .. لكن دون جدوى .. وحين ملت من هروبه .. سحبت أطفالها معها إلى بيتنا..
الساعة الرابعة فجراً .. صحوت على صوت أبي عند بابي وهو غاضب..
ـ حرام عليكم .. كيف تتركون هؤلاء الأطفال نائمين على الأرض تحت التكييف ..
منيييييييييرة!!
فتحت باب غرفتي فإذا بأبي الذي كان يستعد للذهاب لصلاة الفجر وهو يحمل عزوز..
ـ حسبي الله ونعم الوكيل على أمكم..
* * *
ـ منيرة..
ـ نعم..
كانت تضع قدميها في حوض ماء دافئ .. وتتابع التلفاز..
ـ لماذا لا تعودين إلى زوجك؟!
نظرت إلي بغضب .. واشمئزاز..
ـ ماذاااااااا؟! أعود لذلك الـ(خبل)؟!
صعقت .. كيف يمكن أن تتحدث عن والد أبنائها –بأي حال- بهذه الطريقة؟
ـ وما الذي تريدينه منه بالضبط..؟
حكت رقبتها باسترخاء ثم قالت..
ـ لن أعود له حتى يرجوني أن أقبل اعتذاره..! حين يعرف قيمتي..
ـ لكنه أتى وحدث الوالد أكثر من مرة .. وحاول إرضاءك بشتى السبل..
ـ لا يكفي .. أريد أن أذله أكثر..
ـ (تذلينه)؟! .. ما هذا الكلام يا منيرة..؟ حرام عليك.. ثم .. إن لك الآن ستة أشهر بعيدة عن بيتك .. ليست بالمدة الهينة .. ألا تكفي؟
ـ المشكلة أنه لا يفهم ولا يتعلم .. ولا يقدر من هي زوجته..
كنت أعلم أنها تحبه .. لكنها كعادتها .. لا تهتم بأحد أبداً..
بعد حديثنا ذلك بثلاثة أسابيع حدث ما لم نكن نتوقعه .. تم طلاقها..
حتى هي صعقت .. انهارت .. لم تتصور أن يتخلى عنها بهذه السهولة..
وشعرتُ بشماتة غريبة في سري .. رغم أنها أختي إلا أني كنت أريدها أن تتعلم درساً من غرورها ولا مبالاتها..
بعد طلاقها .. ازداد إهمالها لأطفالها .. وازداد اهتمامها بنفسها بشكل مقزز..
كانت تصرف راتبها كله على جمالها ورشاقتها.. دون أن تفكر ولو لوهلة في توفير شيء منه لأطفالها أو حتى لنفسها..
تعبنا أنا ووالدتي المريضة بالسكر والقلب .. من متابعة أطفالها الأشقياء..
وحين طلب والدهم حضانتهم منا .. وافقت أمي مباشرة .. لأنها لم تعد تستطيع السيطرة عليهم ..
حاولت ثني أمي عن القرار قلت لها أني سأحاول أن أكون مسؤولة عنهم .. لكنها رفضت .. وقالت أنها تعبت من مسؤوليتهم ومن متابعة شؤونهم (في ظل لا مبالاة أمهم طبعاً)..
أما منيرة .. فلم تهتم بالأمر كثيراً .. بالعكس سمعتها تتناقش مع أمي حول أن هذا سيعطيها فرصة أكبر للزواج!
سبحان الله كيف تفكر بالزواج وصغيرها لم يجاوز الثلاث سنوات؟
حين أتى والدهم لأخذهم قبلتُهم وضممتهم إلى صدري وأخذت أبكي .. أما هي فكانت تتحدث بالهاتف كعادتها .. دون أدنى اهتمام .. وكأنهم ذاهبون لمشوار قصير وسيعودون..!!
بعد ذلك .. لم يعودوا يأتون لزيارتنا إلا مرة في الشهر..
الساعة الواحدة ليلاً .. لدي اختبار مهم غداً ..
أقلب صفحات الملزمة..
أفتقد شيئاً ما .. لا أستطيع التركيز..
شيء يؤلمني ..
أقف عند باب غرفتي ..
أرهف السمع .. أبحث عن شيء..
لكن عبثاً..
ليس ثمة أصوات بكاء تتسلل تحت الباب..
**
مجلة حياة العدد (71) ربيع أول 1427هـ
- 40 -
زهرة .. في تربة الألم
دخلت مسرعة بعد عودتي من المدرسة وأسرعت أرمي عباءتي وأنطلق نحو (السوني) لأمسك بمقبض اللعبة.. فإذا به يدخل خلفي مسرعاً وهو غاضب.. صرخت:
ـ أنا حجزته!!
فأسرع يسحبه مني بقوة..
ـ أقول.. (انقلعي)!.. جهازي وتحجزه بعد؟!
ـ فهيدان.. حرام عليك أمي اللي شاريته لك.. خلني ألعب..
وضع إصبعه على جانب رأسه.. وبغرور قال..
ـ جهاااااااازي..!
ـ طيب بس عشر دقايق.. الله يخليك..
بدأ يلعب وهو يتجاهل كلامي..
ـ وش كبرك.. رجال في ثالث ثانوي.. وجالس على اللعبة مثل الأطفال..
رفع حاجبيه بكل برود وهو يبتسم..
كان فهد يكبرني بثلاث سنوات فقط..
ورغم كثرة شجاراتنا معاً.. كان هناك رابط خفي بيني وبينه..
كان يعترف أنني الوحيدة التي أستطيع منافسته في الألعاب القتالية في السوني..
ـ هذا (سمير) ولد خالة أبوي..
كان شعري قصيراً.. وأرتدي طاقية.. وثوباً..
وكنت في الثامنة من عمري يومها.. وأبدو كولد فعلاً.. بل ولد نحيف وقبيح!
عرفني على زملائه في حلقة التحفيظ..
اختار هذا الاسم ليحرجني.. ولم أكن أستطيع مناقشته في ذلك بالطبع..
* * *
حين أنظر اليوم لباب غرفته..
أعرف أن الزمن كفيل بقلع الكثير من زهور الحياة الجميلة..
أطرق الباب بهدوء..
ـ فهد.. الغداء..
صمتٌ ألفناه..
أطرق مرة أخرى..
ـ فهد.. الصينية عند الباب.. سأذهب.. خذها..
وأبتعد.. أقف خلف جدار الصالة.. وأختلس النظر..
يفتح الباب بحذر.. ينظر يمنة ويسرة بريبة..
ياااه.. منذ متى لم أر وجهه..
يسحب الصينية بسرعة ثم يقفل الباب..
* * *
تكاد أمي تبكي وهي تطرق الباب..
ـ يا وليدي افتح.. لازم ننظف الغرفة..
صمت يعتصر القلوب..
ـ لازم ناخذ الصحون ونغسل ملابسك..
لكن بلا إجابة..
* * *
كان قد قبل في كلية الهندسة..
حين بدأت رائحة الألم..
بعد أول أسبوع له في الدراسة، رفض الذهاب..
ثم..
بدأت رحلة المرض..
* * *
أفتح الدولاب تحت التلفاز.. أنظر لجهاز السوني.. ينزوي تحت أسلاكه..
لم يعد لي رغبة في اللعب به..
أنظر لأشرطة الألعاب..
يعتصرني الألم.. فأغلق الدولاب..
* * *
( دخل المسجد.. قبل صلاة العصر..
نعم.. كنت هناك..
كان وجهه مشرقاً.. كأني أراه الآن..
ـ مبروك يا فهد..
ابتسم بخجل..
ـ الله يبارك فيك..
تحرك الجار الذي كان يستند للجدار وهو يمسد شواربه ويحد النظر لفهد..
ـ وش عليه؟..
ـ فهد قبل في كلية الهندسة.. ما شاء الله عليه..
ليتني لم أقل.. ليت لساني شل في تلك اللحظة..
شهق واستوى في جلسته..
ـ أوف.. هننننننننندسة مرة وحدة!! .. أثرك مب هين يا فهيد..
كنت أعرف أن لهذا الجار الحقود ثلاث أبناء كلهم لم يجاوزوا المرحلة المتوسطة وفشلوا بسبب انحراف أخلاقهم عافانا الله وإياهم.. لذا شعرت بالخوف..
وحين انحنى فهد ليسلم عليه ضربه على كتفه بقوة.. وهو يتمتم بأن أبو فهد محظوظ لأنه سيصبح لديه ولد (مهندس)!!
وكانت نظرات الحقد تشع من عينيه بشكل واضح..
ارتبك فهد وتغير وجهه..
وخرج بعد الصلاة وعليه آثار تعب..
عرفت أن شيئاً قد حصل..
وقد حصل..)
هذا ما قاله جارنا الطيب أبو مساعد.. لوالدي.. ذات مساء حزين..
* * *
غداً اختبار الكيمياء.. أمسك الكتاب.. أحاول أن أقرأ..
أسمع صوت يصرخ..
ـ لاااااااااااااااا..
كان أبي قد فتح الباب بقوة.. وهو يحاول أن يسحبه ليجبره على الاستحمام..
أصوات مفزعة.. صراخ..
وأمي تبكي..
ـ خلاص.. اتركه.. كيفه..
ـ آآآآآآآآه.. لاااااااا.. خلووووووووني..
الساعة الحادية عشرة..
غداً الاختبار النهائي.. ثالث ثانوي..
لم أنه حتى الباب الأول.. يا رب ارحمني..
ـ أقوووول لكم اتركوووووووني..
أبكي تنساب دموعي..
أسحب مسجلي الصغير وأضع السماعات على أذني.. أضع شريط قرآن للشيخ الشاطري..
وأتأمل معاني الآيات..
تهدأ نفسي بعض الشيء..
لكن الصراخ قاتل وعال.. أعود للبكاء..
وفجأة.. تعتريني رغبة وحشية في التحدي..
أردت أن أصرخ.. وأقول لا.
أن أصنع شيئاً.. أن أحطم هذا الألم.. وأواجهه..
أردت أن.. أنجح.. بل وأتفوق..
لن أستسلم..
رغم كل هذه الظروف.. كنت أريد أن أحقق شيئاً..
أن أعبر عن ألمي بشيء إيجابي..
انكببت على الكتاب أقرأ وأحل.. وأخطط حتى الفجر..
حين خرجت من غرفتي لصلاة الفجر..
كان البيت هادئاً كالموت..
شاهدت أمي جالسة بصمت في الصالة..
كانت عيناها حمراوين..
نظرت إلي.. وتحدثت وهي تهذي..
ـ ضربه بالعقال.. حتى استطاع أن يخرجه من غرفته..
ـ هل اغتسل..؟
ـ رمى بوالدك على جدار الحمام فكاد يخلع كتفه..
سكتنا..
ـ ضربني أنا أيضاً.. آآآ ..
وبدأت تبكي.. وتهتز..
ـ فهد.. انتهى يا ميمونة.. ولدي راح.. خلاص..
رأيت الحقيقة تكشر أنيابها أمامي.. فزعت..
هربت مسرعة نحو الحمام.. وهناك.. بكيت حتى ارتويت..
* * *
كانت ورقة الاختبار أمامي..
الأسئلة.. الحروف.. الأرقام..
صوت صراخ فهد القوي.. (لااا.. خلوووووووني..)..
بكاء أمي..
أتخيل منظر أبي..
ارتعش قلمي بين أصابعي.. ضاعت الكلمات..
* * *
كنا نجلس على حافة السطح.. وأصحاب فهد في الشارع..
ـ يا الله مونة وريييييهم..
كان عمري سبع سنوات فقط.. وكان قد تحدى أولاد الجيران أن يجعلني أدور على جدار السطح..
وقفت.. وبدأت أسير على الحافة ببطء..
ثم أخذت أسرع.. أجري..
وهم ينظرون بخوف..
فجأة كدت أفقد توازني وأسقط.. وضعت يدي على الأرض.. تماسكت.. ووقفت مرة أخرى..
نظرت إليه..
كان ينظر لي بخوف لكن بفخر واعتزاز.. يريدني أن أريهم ما لدي من قدرات..
فرحت.. استمتعت بنظرات فخره.. انتشيت لأنه يتباهى بي.. ضحكت..
أردت أن أجعله أكثر فخراً..
أسرعت أجري وقفزت عدة مرات.. والجميع مبهورون..
صرخ بفخر: (حيووووووووووووها..!)
* * *
في الجريدة خبر يخصني..
اسمي.. مسبوقاً بـ (المركز السابع على منطقة الرياض)..
تطايرت الأوراق..
ماتت العبرات..
ونبتت زهرة.. في تربة الألم..
**
مجلة حياة العدد (72) ربيع ثاني 1427هـ
مواضيع مماثلة
» سلسلة { اعترافات فتاة } (11)
» سلسلة { اعترافات فتاة } (12)
» سلسلة { اعترافات فتاة } (13)
» سلسلة { اعترافات فتاة } (14)
» سلسلة { اعترافات فتاة } (16)
» سلسلة { اعترافات فتاة } (12)
» سلسلة { اعترافات فتاة } (13)
» سلسلة { اعترافات فتاة } (14)
» سلسلة { اعترافات فتاة } (16)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 2:54 pm من طرف ahmedsh167
» تبادل إعلاني مجاني - تبادل إعلانات نصية - تبادل بنرات إعلانية - تبادل الزيارات بين أصحاب المواقع - دليل مواقع
الجمعة نوفمبر 08, 2024 8:37 am من طرف alaa_eg
» amgroup markting | عروض وخصومات يومية للتسوق في مكان واحد
الثلاثاء أكتوبر 22, 2024 3:32 am من طرف lovesport
» بوكلين فولفو 210 موديل 2015 - حفار - Excavator - كود A376
الثلاثاء أغسطس 13, 2024 3:33 pm من طرف lovesport
» شركة صقر الشارقة للنقليات | saqralsharqa company transporters
الثلاثاء يوليو 23, 2024 9:37 pm من طرف lovesport
» مؤسسة صقر الشارقة للنقليات | transporters
الخميس فبراير 29, 2024 5:08 pm من طرف lovesport
» شركة تنظيف بالجبيل
الأحد فبراير 18, 2024 2:04 am من طرف شيماء أسامة 272
» شركة تنظيف بالجبيل
الثلاثاء أكتوبر 31, 2023 10:00 pm من طرف شيماء أسامة 272
» شركة تنظيف سجاد براس تنورة
الإثنين أكتوبر 09, 2023 5:00 pm من طرف شيماء أسامة 272
» تحميل القران الكريم بصوت القارئ عبد الباسط عبد الصمد mp3 كامل مجانا مضغوط
الإثنين سبتمبر 18, 2023 12:34 pm من طرف alaa_eg
» تحميل التعليق العربي pes 2013 حفيظ دراجي
الأحد سبتمبر 17, 2023 12:41 pm من طرف alaa_eg
» تحميل برنامج SFX Maker لصناعة البرامج تثبيت صامت بآخر إصدار
الثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:32 am من طرف alaa_eg
» تحميل برنامج تشغيل الفيديو QQ Player كيوكيو بلاير للكمبيوتر
الثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:27 am من طرف alaa_eg
» تحميل برنامج صانع شهادات التقدير للكمبيوتر مجاناً - Certificate Maker
الثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:09 am من طرف alaa_eg
» تحميل القران الكريم بصوت اسلام صبحي mp3 كامل مجانا
الأحد سبتمبر 10, 2023 5:32 am من طرف alaa_eg
» بوكلين فولفو 460 - حفار فولفو 2009 - VOLVO EC460B - Excavator - كود A 282
الإثنين أغسطس 14, 2023 4:11 pm من طرف lovesport
» تبادل إعلاني مجاني - تبادل بانرات ، تبادل اعلانات نصيه ، تبادل زيارات
الجمعة فبراير 24, 2023 6:34 pm من طرف alaa_eg
» منتديات عرب مسلم
الجمعة فبراير 24, 2023 6:32 pm من طرف alaa_eg
» منتديات مثقف دوت كوم
الجمعة فبراير 24, 2023 6:30 pm من طرف alaa_eg
» منتدى برامج نت
الجمعة فبراير 24, 2023 6:28 pm من طرف alaa_eg