منتديات مصر الحره
اهلا ومرحبا بك فى منتديات مصر الحره

اذا كنت عضو معنا تفضل بالدخول ، واذا كنت زائر ندعوك

للتسجيل معنا فى منتدانا للاستفاده منه وإفاده أعضاءه

ولمراسله الاداره فى اى أمر هام توجه الى قسم الزوار وأضف طلبك او موضوعك

مع أرق وأجمل تحياتنا لكل الزوار والأعضاء ،،، إدارة المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مصر الحره
اهلا ومرحبا بك فى منتديات مصر الحره

اذا كنت عضو معنا تفضل بالدخول ، واذا كنت زائر ندعوك

للتسجيل معنا فى منتدانا للاستفاده منه وإفاده أعضاءه

ولمراسله الاداره فى اى أمر هام توجه الى قسم الزوار وأضف طلبك او موضوعك

مع أرق وأجمل تحياتنا لكل الزوار والأعضاء ،،، إدارة المنتدى
منتديات مصر الحره
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
رقم الزائر
.:: أنت الزائر رقم ::.
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) Counter

 
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

ساعه المنتدى
المواضيع الأخيرة
» أزي تزودي دخلك مع ايفون
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 12, 2024 2:54 pm من طرف ahmedsh167

» تبادل إعلاني مجاني - تبادل إعلانات نصية - تبادل بنرات إعلانية - تبادل الزيارات بين أصحاب المواقع - دليل مواقع
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 08, 2024 8:37 am من طرف alaa_eg

» amgroup markting | عروض وخصومات يومية للتسوق في مكان واحد
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 22, 2024 3:32 am من طرف lovesport

» بوكلين فولفو 210 موديل 2015 - حفار - Excavator - كود A376
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 13, 2024 3:33 pm من طرف lovesport

» شركة صقر الشارقة للنقليات | saqralsharqa company transporters
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 23, 2024 9:37 pm من طرف lovesport

» مؤسسة صقر الشارقة للنقليات | transporters
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالخميس فبراير 29, 2024 5:08 pm من طرف lovesport

» شركة تنظيف بالجبيل
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالأحد فبراير 18, 2024 2:04 am من طرف شيماء أسامة 272

» شركة تنظيف بالجبيل
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 31, 2023 10:00 pm من طرف شيماء أسامة 272

» شركة تنظيف سجاد براس تنورة
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 09, 2023 5:00 pm من طرف شيماء أسامة 272

» تحميل القران الكريم بصوت القارئ عبد الباسط عبد الصمد mp3 كامل مجانا مضغوط
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 18, 2023 12:34 pm من طرف alaa_eg

» تحميل التعليق العربي pes 2013 حفيظ دراجي
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 17, 2023 12:41 pm من طرف alaa_eg

» تحميل برنامج SFX Maker لصناعة البرامج تثبيت صامت بآخر إصدار
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:32 am من طرف alaa_eg

» تحميل برنامج تشغيل الفيديو QQ Player كيوكيو بلاير للكمبيوتر
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:27 am من طرف alaa_eg

» تحميل برنامج صانع شهادات التقدير للكمبيوتر مجاناً - Certificate Maker
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:09 am من طرف alaa_eg

» تحميل القران الكريم بصوت اسلام صبحي mp3 كامل مجانا
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 10, 2023 5:32 am من طرف alaa_eg

» بوكلين فولفو 460 - حفار فولفو 2009 - VOLVO EC460B - Excavator - كود A 282
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 14, 2023 4:11 pm من طرف lovesport

» تبادل إعلاني مجاني - تبادل بانرات ، تبادل اعلانات نصيه ، تبادل زيارات
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:34 pm من طرف alaa_eg

» منتديات عرب مسلم
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:32 pm من طرف alaa_eg

» منتديات مثقف دوت كوم
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:30 pm من طرف alaa_eg

» منتدى برامج نت
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:28 pm من طرف alaa_eg

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1750 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Shimaa mohamed فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 33047 مساهمة في هذا المنتدى في 8852 موضوع
دخول

لقد نسيت كلمة السر

مجموعة منتديات مصر الحره
مجموعات Google
مجموعه منتديات مصر الحره
زيارة هذه المجموعة
-------------------------------------------------------------------
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) Groups_logo_sm
اشتراك في مجموعه منتديات مصر الحره
أدخل إيملك ليصلك جديدنا:
تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 


تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات مصر على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات مصر الحره على موقع حفض الصفحات


سلسلة { اعترافات فتاة } (1)

اذهب الى الأسفل

 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) Empty سلسلة { اعترافات فتاة } (1)

مُساهمة من طرف المدير العام الأربعاء أكتوبر 27, 2010 1:27 am

الله الرحمن الرحيم

أهدي إليكم .. تلك المجموعة القصصية
جمعتها، كتبتها، لكم من مجلدات مجلة حياة
وهي احدى الزوايا القائمة في تلك المجلة المباركة ان شاء الله
الزاوية تحت مسمى: اعترافات فتاة / بقلم محمد عبدالباسط عزالدين
وإليكم هذا الملف الذي أسأل الله تعالى أن يبارك فيه وأن يستفاد منه حق الفائدة
ويجعله في ميزان حسناتنا وحسنات والدينا يارب العالمين



- 1 -

سامحني يا أبي . .

 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) Cc877ccc89
كنت أشعر بحاستي . . أن هناك شيء ما سيحصل . .

كل ما يدور تلك الأيام كان يدل على ذلك . . أبي ترك المنزل . . وأمي تبكي طوال الوقت . .

وهمسات تدور هنا وهناك بين خالاتي . . واتصالات جدية بالهاتف . .

ولم يطل الوقت قبل أن أصدم تماماً بما لم أتوقعه أبداً . . طلاق أمي وأبي . .!

كانت الخلافات بينهما كثيرة جداً . . وقد تعودت على ذلك منذ طفولتي . . لكن لم أتصور يوماً أن يتم الانفصال بينهما . .
لا أستطيع أن أصف شعوري لحظتها.. حين أخبرتني خالتي بذلك.. رغم أني كنت في المرحلة الثانوية.. إلا أني شعرت بأني عدت طفلة صغيرة.. لا تعرف كيف تتصرف ولا كيف تنحكم في مشاعرها..
أغرقتني نوبة طويلة من البكاء.. لم أعرف كيف أوقفها.. وبقيت أبكي طوال ليلتين متواصلتين..
لم أكن قادرة على تصور فكرة أن ينفصل أبي وأمي عن بعضهما.. أن يتركنا أبي.. ويعيش بعيداً عنا..
لم أكن قادرة على تخيل مكانه الخالي على سفرة الإفطار كل صباح قبل ذهابنا لمدارسنا.. ولا قادرة على تصور المجلس خالياً منه حين يجلس كل مساء يحتسي ق***ه ويقلبَّ أوراق صحيفته..
كنت لا أعرف لمن أشعر بالرثاء..
لأمي المسكينة التي صبرت كثيراً.. وضحّت.. وتحمَّلت منه الكثير.. ثم تفاجأ الآن بأنه قد تركها وحيدة..
أم أشعر بالرثاء لأبي المسكين.. الذي لا أعرف أين سيذهب الآن.. من سيعتني به.. ومن سيصحبه..
لقد تحمَّل أيضاً هو الآخر من أجلنا..

لكن شيئاً ما كان يجعلهما غير قادرين على العيش معاً.. كانا مختلفين تماماً.. في كل شيء.. وكانت حياتهما معاً كمزيج من الزيت والماء.. مهما امتزجا.. فإنهما لا يختلطان معاً.. أبداً..
كنت أشعر أني ضائعة ومشتتة بينهما..
لكن الطلاق.. لم أكن أفكر به أبداً أبداً..
* *
وفيما بعد.. بعد أن انفصلا تماماً.. عشنا فترة طويلة ونحن نشعر بفجوة كبيرة في حياتنا..
كنت أشعر بحزن كبير تجاه أمي.. وتعاطف تجاه أبي..
لكني أيضاً.. كنت أكن لوماً وعتباً كبيراً على أبي.. فقد انقطع عنا تماماً.. ولم يحادثنا أو يسأل عنا لمدة شهرين كاملين..
ولكن بعد فترة.. بدأنا نتأقلم شيئاً فشيئاً مع الوضع.. انشغلت أمي في دوامها.. وانشغلنا نحن بدراستنا وهواياتنا..
ورغم أن الجرح كان لا يزال في قلبي.. لكني بدأت أعتاد على لفجوة التي خلَّفها غياب أبي عن البيت..
وذات مرة اتصل علينا أبي.. وحادثني..
فلم أستطع أن أتحدث.. كنت مشتاقة له جداً.. وأحبه كثيراً.. لكن.. كنت أيضاً عاتبة عليه.. إذ تركنا هكذا ونسينا ولم يسأل عنا منذ عدة أشهر.. شعرت بشيء يخنقني، فلم أستطع أن أنطق حرفاً واحداً.. وأخذت أبكي وأبكي حتى سقطت السماعة من يدي..
ولم أتذكر من نبرات صوته الدافئ سوى (ربا.. كيف حالك؟.. لقد اشتقت لكم)
لم أكن أعرف من ألوم على من ألقي ذنب هذا الطلاق.. ولم أجد سوى ربي لألجأ إليه بالدعاء أن يكتب لنا كل ما فيه خيرنا..
* *
وفي المدرسة كنت أعاني من الداخل.. لم أكن قادرة على التركيز ولا المشاركة في الفصل.. لكن أي معلمة لم تقدّر ظروفي.. لأني لم أجرؤ على مصارحتهن بما حصل.. ولم يسألنني بدورهن عن أية مشاكل قد أواجهها..
ولم أعد أحب أن أجلس مع زميلاتي كثيراً.. بل أصبحت أؤثر الوحدة أو الجلوس بصمت بينهن..
كنت أشعر أن في داخلي.. تفكيراً أسود.. يجعلني أحقد أو أغار من كل زميلاتي حين يتحدثن عن آبائهن، وعن نزهاتهن الأسرية. حين تقول إحداهن: (ذهبت مع أبي بالأمس إلى..) كنت أشعر بمس كهربائي يلسعني بقوة في صدري..
وكنت أقول لنفسي كثيراً.. ما هذا يا ربي.. هل أصبحت شريرة لهذه الدرجة؟ أيعقل أن تحقدي عليهن فقط لأن لديهن آباء؟
وكنت أستغفر الله في سري دائماً.. لكن ذلك الشعور كان أقوى مني.. وكنت أشعر دون إرادتي أني أتمنى لو كنت مكان أي واحدة منهن.. أو.. أحياناً.. كنت.. كنت أتمنى لو يتطلّق آباؤهم وأمهاتهم كما حصل لي.. كنت أتمنى أن يذوقوا ما ذقته.. وأن يعيشوا مأساتي..
* *
بعد مدة.. اتصل أبي مرة أخرى.. وحاول محادثتي.. لكني رفضت.. كنت أتمنى في سري أن أحادثه وأعرف أخباره.. كنت أحبه كثيراً.. لكن.. كنت عاتبة عليه جداً.. لأنه تركنا هكذا.. بكل سهولة ورحل..
وحاول أبي عدة مرات زيارتي أو محادثتي.. لكني وبلا إرادة مني.. كنت أرفض بشدة..
وازداد تعنتي أكثر وأكثر حين علمت أنه سيتزوج..
شعرت بأنها الطعنة الأخرى التي يوجهها أبي لنا.. شعرت بأنه يفعل أمراً خطأ.. أمراً معيباً له..
كيف يتركنا ويتجاهلنا.. والآن ويذهب لامرأة أخرى؟
كان تفكيري متجمداً تماماً وغير قابل للتغيير
بدأت أشعر أن أبي هو سبب ما نعيشه من تشتت.. فصببت جام غضبي عليه..
لكن ذات مرة وبعد زواجه أصر على رؤيتنا وأخذنا معه في زيارة لرؤية زوجته الجديدة.. وحين رفضت هددنا بأخذنا من والدتنا خاصة وأننا بنات..
وانصعت لأمره.. وكان لقاء جامداً..
تجاهلته فيه تماماً.. رغم أنه كان محملاً بالهدايا لنا.. وكان المسكين مشتاقاً جداً لنا..
كنت أشعر أني حانقة عليه بشدة..
شيء لا يمكن وصفه.. أحبه.. ومشتاقة إليه.. لكن عاتبة وغاضبة إلى أبعد حدٍ عليه.. لدرجة أني لا أريد حتى رؤيته أو الجلوس بقربه..
كنت أشعر أنه لي.. أبي.. أبي لنا..
فلماذا يتركنا ويرحل.. نحو امرأة أخرى..
وحين رأيتها ومدت يدها للسلام عليّ.. أدرت وجهي عنها ومددت يدي ببرود.. وملامح وجهي تزدريها بشدة..
حاولت أن تتحدث معنا بطيبة، وأن تستدرجنا في الحديث.. لكني كنت أصوب نظراتي الحادة تجاه أخواتي الصغار حتى لا يتحدثن معها.. وكنت قد هددتهن قبل قدمونا حتى لا يتجاوبن معها ولا مع أبي..
شعر أبي بخيبة أمل.. وأعادنا بهدوء بالسيارة دون أن نتبادل حتى كلمة واحدة..
وحين وصلت إلى المنزل.. أسرعت نحو غرفتي..
وأخذت أبكي بحرقة.. كنت أعلم أني أحبه ولا أود أن أعامله هكذا.. ولكن لا أستطيع..

لم أعرف لماذا كنت أبكي بالضبط.. لكني شعرت بحرقة في صدري.. وددت لو أصرخ بشدة حينها..
تمنيت لو أفتح عيني فأجد نفسي قد استيقظت من حلمٍ مرعب.. ويعود أبي إلينا.. هنا.. كما كان من قبل.. أبي الذي نحبه ويحبنا.. ولا يحب أحداً غيرنا..
لكن.. هيهات..
* *
وذات مرة.. سمعته.. كان شريطاً رائعاً.. عن بر الوالدين.. كنت عائدة من المدرسة.. وسمعته في سيارة خالي.. شعرت بأنه هزني من الأعماق وأيقظني.. وفجأة أحسست بأني حقيرة.. وصغيرة جداً.. وأتفه من أي مخلوق على الأرض.. أيعقل ما قمت به؟
فقط لأن الله لم يكتب لوالديَّ أن يعيشا معاً.. أقرر مقاطعة أبي ونسيان كل أفضاله عليّ؟.. هل لمجرد كونه انسحب بهدوء من حياتنا فإنني أشن عليه حرباً شعواء..؟ إنه لم يسيء إلينا بأي شكل.. لم يقصر في حقوقنا.. ولا تربيتنا ولم يبخل علينا يوماً بأي شيء نحتاجه – حتى بعد أن تركنا.. بل إنه يحاول أن يرانا وأن يأخذنا لزيارته.. بينما أنا أرفض؟!! هل هذا عدل؟..
كم أنا غبية ومتعجرفة.. إنه السبب بعد الله في ظهوري لهذه الحياة.. وهو من سهر وقلق على راحتي حين مرضت وهو من حرص على تدريسي ورعايتي في الصغر.. وبعد كل هذه الأفضال.. أعاقبه لمجرد كونه اضطر لأسباب قاهرة أن ينفصل عن أمي؟!
بدأت أعيد حساباتي وأفكر من جديد..
وشعرت بحنين كبير لوالدي.. وخفت أن يقبض الله روحي قبل أن أرضيه عني.. نعم لابد أنه لا يزال متضايقاً لما واجهته به من جفاء..
وما أن وصلت إلى المنزل.. حتى أسرعت ورفعت سماعة الهاتف واتصلت عليه..
- أبي.. أبي.. أنا آسفة.. أرجوك سامحني..

- ربا.. ماذا هناك.. ما بال صوتك هكذا.. هل حصل شيء؟
- أبي.. أنا أحبك.. أقسم بالله أني أحبك.. لكن.. لا أعرف لماذا..
وانقطع صوتي لأني لم أعد أعرف ماذا أقول وشهقات البكاء تخنقني.. فصمت قليلاً ثم قال..
وأنا أيضاً أحبك يا ابنتي.. وأعرف تماماً لماذا كنت تتصرفين هكذا.. أعرف أن الأمر شديدٌ عليكن.. ولكن هذا قدر الله.. ماذا أفعل.. أنا أحبكن يا ابنتي وسأظل أحبكن.. ثقي بذلك..

- هل أنت راض عني إذاً..
- نعم بارك الله فيك..
بعد ذلك.. تغيَّرت أشياء كثيرة في داخلي.. ولم أعد أشعر بذلك الحزن وتأنيب الضمير الذي كان يخنقني.. أصبحت حياتي أكثر إشراقاً وراحة.. أصبحت أحرص على بَّر أبي وصلة رحمه وأحاول إرضاءه عني بكل الوسائل..
* *
قبل شهر أنجبت زوجة أبي طفلاً.. شعرت لوهلة بشيء من الغيرة لأنها أنجبت ولداً بينما نحن كلنا بنات.. لكن أبي قال لنا بالحرف الواحد وأمام زوجته..
- ثقي يا ربا.. أن أحمد لن يكون أغلى من أي واحدة منكن.. ووالله أني لن أفضله بأي شيء عليكن، فكلكم أبنائي ولا فرق بينكم..

فشعرت بارتياح جميل.. وكانت زوجة أبي طيبة جزاها الله خيراً حين سمحت لي بأن أضعه في حضني وأحمله بكل ثقة..
لأبدأ مرحلة جديدة من حياتي وصفحة بيضاء صافية.. لا مكان فيها للحقد والكره إن شاء الله
**
مجلة حياة العدد (33) محرم 1424هـ



- 2 -

كلا . . أنا أشعر !

- ثلوى . .! ثلوى . . هيييه . . .
هكذا تستقبلني مرام كل يوم حين أقدم من المدرسة . . ثم ترتمي عليَّ لتحضنني .
لم أكن أهتم بها بصراحة . . ولم أكن أرحب بهذا الاستقبال الحار الذي تستقبلني به كل يوم وأنا منهكة بعد عودتي . .
وذات مرة حين انقضَّت على حقيبتي لتبحث فيها عن أي حلوى . . أوقعت كتبي على الأرض . . فصرخت في وجهها بشدة . . وضربتها دون أن أفكر . .

 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) 672cd801fd
كنت غاضبة جداً بعد أن رفضت مدرسة علم الاجتماع إعادة الاختبار لي وتجادلت معها بحدة .. ولم يكن ينقصني بعد يوم دراسي منهك أن أنحني لجمع كتبي المتناثرة من الأرض.
تجمدت مرام.. ونظرت إليَّ بجمود حين ضربتها .. دون أن تتنفس بكلمة أو حتى تتألم..
فأسرعت والدتي تؤنبني بشدة .. حرام عليك يا سلوى!..
تضربين هالمسكينة ؟!

- أفف.. لقد مللنا هذه الأسطوانة .. مسكينة .. مسكينة .. وما ذنبنا نحن ؟ ولماذا تخافين على مشاعرها لهذه الدرجة ؟ انظري إليها.. إنها لا تشعر أصلاً..!!
كنت أعلم أن كلمتي هذه ستجرح أمي التي لا زالت تعتقد أن مرام طفلة شبه طبيعية .. وترفض الاعتراف بأنها متخلفة بالمعنى المعروف..
صمتت أمي تماماً وهي لا تزال تحتضنها ... بينما أسرعت أواري بصري عن المنظر بالهروب إلى غرفتي ..
لا أعرف ما الذي جرى لي .. كيف ضربتها هكذا وقلت لأمي ما قلت ..
لكن .. أنا معذورة .. نعم
فقد مللت .. مللت اهتمام أمي الزائد والمبالغ فيه بها .. إنها تدللها وتحنو عليها أكثر من أي فرد منا
استغفر الله العظيم .. ليت الله يأخذ أمانته فيها لنرتاح نفسياً واجتماعياً..
أمي لا تنفك عن التفكير طوال الوقت في مصيرها .. ودائماً تردد أمامي وصيتها لي في الاهتمام بمرام والعناية بها، بعد وفاتها ... إن هذا الشعور يجلب لي المرض .. لقد مللت من هذا الحزن الذي تصر أمي على إغراقنا فيه بسببها .. لقد حرمت نفسها من الذهاب للكثير من المناسبات الاجتماعية والنزهات والسفر من أجل مرام ..
حتى زواج ابن خالتي لم تذهب إليه لأني رفضت أن تذهب إليه مرام معنا .. هذا ما كان ينقصنا .. أن نأخذها لتبدأ في الضحك والسلام على كل الحاضرين بفرح وبلادة ثم تبدأ حركاتها المضحكة .. أمي أثارها رفضي هذا .. وقررت ألا تذهب في حال لم تذهب مرام .. كان بإمكانها أن تتركها مع الخادمة ولو تلك الليلة فقط .. لكن أمي.. تصرّ على تعقيد الأمور وبث الحزن والتعاسة في كل موضوع له علاقة بمرام ..
يا الله .. متى تقتنع أمي أن مرام المسكينة لا تفهم ولا تشعر بشيء.. إنها لم تكن لتشعر بحزن أو سعادة سواء أذهبت لذلك الحفل أو غيره أم لم تذهب..
يطرق معاذ باب غرفتي ليوقظني من النوم ..
- هيا استيقظي .. لقد أذن المغرب..

أقوم ببطء .. أشعر أني منهكة ومتضايقة جداً.. أتوضأ وأصلي.. ثم أبدأ في حل واجباتي.. أفتح دفتر الكشكول الخاص بالهوامش.. فألمح على آخر صفحة منه رسمة .. يبدو أنها إحدى (شخاميط) مرام .. أنظر إليها بهدوء .. إنها رسمة بيت حوله أشجار .. أدقق فيها .. لم أكن أتصور أنها تستطيع رسم صورة كهذه .. لابد أن معاذ علمها ..
ألقي الدفتر جانباً وأبدأ في حل واجباتي الكثيرة .. وفجأة .. أطلت مرام برأسها الكبير من طرف الباب..
ضحكت.. ماذا لديك؟.. ادخلي.. ماذا تريدين ؟..
دخلت بهدوء ونظرت إليَّ ثم جلست على الأرض .. يبدو أن منظر الدفاتر والأقلام قد أغراها كثيراً.. هجمت على أقلامي وأمسكتها .. ثم أمسكت أحد الدفاتر وهي تنظر إليَّ بخوف .. أرثم؟!..
- كلا... كلا .. إعطيني إياه .. هذا للمدرسة ..
استسلمت وتركت الأقلام من يدها .. ثم قامت نحو مكانها المفضل .. تسريحتي..
صعدت على الكرسي .. وأخذت تطلُّ على وجهها في المرآة .. ثم التفتت برجاء وهي تمسك أحد أقلام الشفاه ..
- ثلوى.. ممكن؟

لا أعرف لماذا تعاطفت معها هذه المرة .. إنها مؤدبة جداً اليوم ..
- حسناً.. استخدمي هذا فقط ..

ارتسمت ابتسامة كبيرة على وجهها وأسرعت تضع اللون على شفاهها بفرح ..
عدت لإكمال واجباتي .. وانهمكت فيها .. حين لاحظت بعد قليل هدوءها .. التفتّ إليها ..
فوجدتها تتأمل نفسها بعمق في المرآة ..
أخذت أراقبها .. كان تنظر بهدوء .. مرة تبتسم ومرة تقطب جبينها ومرة ترفع رأسها .. وفجأة تحدثت وهي تنظر لنفسها بصوت يائس أسمعه منها لأول مرة ..
- أنا (مو حلوة) ..!
صدمتني العبارة كثيراً.. وأخذت أنظر إليها بعمق .. شعرت بعطف كبير عليها .. لقد بدأت تعرف أن شكلها يختلف عن الآخرين ..

عادت بي الذاكرة إلى عشر سنوات خلت .. حين كنا مترقبين لخبر ولادة أمي في المستشفى .. إنها بنت.. يا سلام .. أخيراً أصبح عندي أخت .. الحمد لله .

أتت مرام بعد أربع أخوة ذكور .. ففرحت بها جداً.. حتى .. وصلنا الخبر ...
إنها غير طبيعية .. كيف ؟. تضخم في القلب .. و.. ماذا؟! إنها منغولية .. كنت لا أزال صغيرة ولم أفهم فتساءلت ... ماذا يعني منغولية ؟..

يعني يا سلوى .. إنها مختلفة قليلاً.. سيكون من الصعب عليها اللعب كثيراً.. أو الكلام بسهولة .. كما أن تفكيرها .. سيكون أقل من أقرانها ..؟
سكتت وأنا أنظر للدموع التي تلمع في عيني أبي ..
وحين رأيت مرام لأول مرة .. عرفت كيف أنها مختلفة .. كانت بيضاء وجميلة مثل كل الصغار .. لكنها كانت مختلفة .. لم تكن تشبهنا. وشيئاً فشيئاً حين كبرت بدأت ملامح التخلف تظهر واضحة عليها ..
يقول الدكتور أن الأشخاص المنغوليين لا يعيشون طويلاً.. إنهم يموتون في سن مبكرة .. غالباً في العشرينات .. أو الثلاثينات من أعمارهم..
لكن مرام كانت منذ صغرها تعبَّر عن حلمها بأن تصبح عروسة .. مسكينة .. إنها لا تعلم ..
كنت دائماً قاسية معها .. كنت أشعر بأنها عبء كبير علينا .. كما أنها تشعر .. سواء أصرخت عليها أم شتمتها .. فإنها لا تشعر ولا تتأثر أبداً.. بل إنها لم تبك يوماً في حياتها ..
لكن الآن .. إنها تقيَّم نفسها .. بدأت تشعر أنها غير طبيعية .. وأن ملامحها مختلفة ..
أنا (مو حلوة) أنا (مو حلوة) .. أخذت تتردد في ذهني طويلاً.. وشعرت بعطف كبير عليها.. حين اقتربت مني بهدوء وهي تشير بإصبعها السبابة إلى وجهي حتى كادت تلامسه ..
- ثلوى .. حلللوة..!

لأول مرة شعرت بأنها بحاجة لمن يضمها .. فاحتضنتها بعطف كبير .. فإذا بها تتمتم في صوت هامس ورأسها على رقبتي وكأنها تحادث نفسها .. وتعيد حواراً قديماً سمعته من قبل..
- ملام.. مو .. حلوة .. لا .. لا!! ملام مو حلوة .. ما تجي عند الحليم .. ( مرام غير جميلة .. لا .. يجب ألا تدخل عند الحريم ).

توقفت قليلاً.. وأخذت أفكر في كلامها .. إنها .. إنها تكرر كلامي.. نعم إنه كلامي لأمي قبل شهر حين أتانا بعض الضيوف .. نعم .. كنت غاضبة ورفضت أن تسمح لها أمي بالدخول إلى المجلس .. أذكر أني قلت بالحرف الواحد أمامها.. (كلا يا أمي .. لا .. لا تحرجينا أمامهم بصراحة مرام شكلها (يفشل) .. لا تتركيها تدخل على الحريم أرجوك .. ولم أهتم يومها بأن مرام المسكينة كانت واقفة أمامي .. كنت أعتقد أنها لا تفهم ولا تشعر..
لكنها .. حفظت ذلك الكلام .. لا زال في قلبها .. إنها تردده .. اليوم ..

مسكينة يا أختي الحبيبة. كل ذلك كان في قلبك الصغير المريض .. وأنا لا أعرف..
احتضنتها طويلاً.. وأنا ألمس شعرها .. وهي لا تزال تردد الحوار الهامس في هدوء .. ثم تضيف محادثة نفسها.. (ملام .. وع.. ولا تفهم!..)
وشعرت بدموع ساخنة تنساب على وجنتي وأنا احتضنها بقوة .. يا حبيبتي يا مرام .. كل هذا .. وأنا لا أعلم .. تشعرين بكل هذا وأنا لا أشعر .. يا لي من إنسانة قاسية وشريرة .. كيف عاملتك هكذا.. أستغفر الله.. كيف تمنيت لك الموت ظهر هذا اليوم. يا حبيبتي الغالية ..
أعلم أنك لن تعيشي طويلاً.. وإن عشت.. عشت محرومة من الكثير مما يستمتع به بقية الأطفال.. ومع هذا أتمنى لك الموت ؟!.. كم كنت سخيفة حين كنت أخجل منك وأشعر بالحرج من الاعتراف بوجودك للآخرين .. أنت والله يا مرام .. أفضل وأطيب وأنبل من آلاف الأسوياء الذين تجمدت قلوبهم .. تحملت كل تلك القسوة والجفاء مني في قلبك وتغاضيت عنه .. أنت الأجمل يا مرام .. نعم .. أنت أجمل من الكثيرات بقلبك الطاهر البريء ..
- لا .. مرام حلوة .. حلووووة..
نظرت إليَّ بتعجب واستغراب .. ملام حلوة ؟!
- نعم مرام أجمل فتاة في الدنيا ..!
استغربت وهي تنظر إلى عيني .. ولمعت عيناها بفرح غامر لم أرَ مثله على وجهها .. ثم ضحكت ضحكتها الطفولية التي أراها لأول مرة بهذا الجمال وهذه البراءة والنقاء ..
**
مجلة حياة العدد (34) صفر 1424هـ




- 3 -

على الشاطئ . .

 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) E79cf21700

شاطيء جدة يصبح ساحراً في أواخر الشتاء . .

الريح البحرية المنعشة تهب برقة . . محملةً برائحة تذكرني بقصص السندباد . .

والأضواء تتراقص على صفحات الموج وكأنها مدينة عجيبة تحت البحر . .

أفتح رئتي لأستنشق المزيد من هذا الهواء المنعش . . علّ رطوبته تروي شيئاً من ظمأ في صدري . .
فجأة . . شعرت بشيء أملس ينساب فوق خدي . . تلمسته . . إنها دموع . .
انساب المزيد منها حتى وجدت نفسي أبكي كطفل صغير تائه . . ولا أعرف كيف ولا لماذا . .
انتبهت لأصوات أخوتي وأبناء خالتي الصغار وهم يلعبون حولي . . فأخفضت صوتي . . وأخذت أنشج بهدوء . . دون أن يشعروا . .

- (سماح) .. هيا يا ابنتي .. تعالي اتعشي..

- لا أريد يا أمي..

أصرّت أمي وخالتي عليّ لكني أشرت لهما بأني شبعى ولا أريد.. وبقيت في مكاني على الشاطئ..

شيء ما كان يقض مضجعي ويحرمني السعادة والتمتع في الحياة.. شيء أعرفه جيداً..

إني أغرق فيه.. كما قد يغرق طفل في أعماق هذا البحر..

الفرق.. أن الطفل يستطيع أن يصرخ حينها ويطلب المساعدة.. قد يلوح بيده هنا وهناك طلباً للنجاة.. لكن أنا..
أغرق بصمت وهدوء.. دون أن يشعر بي أحد.. ودون أن أستطيع أن أبوح لأحد..


أشعر بالعطف على نفسي المسكينة كم تحملت وهي لم تجاوز عامها السادس عشر..

كم عانت وخافت وبكت وهي لم تزل في بداية حياتها..

كل ذلك.. بسبب (حنان) .. نعم.. إنها السبب.. هي التي زينت لي هذا الطريق الشائك.. هذه الـ..

كلا.. بل إن أمي هي السبب.. نعم.. أمي التي لم تهتم بي يوماً ولم تحبني.. لقد تركت لي الحرية المطلقة دون أن تسأل عني أو حتى تشك بي ولو للحظة.. ألا تعلم أني بشر.. ضعيفة.. لماذا لم تحتويني يوماً ولم تسألني عن مشاكلي.. لِمَ لم تسألني يوماً إلى أين أذهب مع السائق ومع من كنت أخرج؟.. لماذا يا أمي.. لماذا لا تحبيني وتحرصين عليّ..

لم أشعر أن أحداً يحبني.. حتى احتواني هو..

شعرت أني وجدت كل ما أحتاجه لديه.. الحب والحنان والرقة..

كنت غبية..
كلا! لم أكن غبية لهذه الدرجة.. أي فتاة مثلي كان بإمكانها أن تصدق ما قاله لقد كان مؤثراً في كل كلمة قالها.. كيف لي أن أعرف أنه لم يكن كذلك؟ إنه ليس ذنبي أن صدقته.. ربما.. هو ذنب.. لا أعرف!

أحببته من كل قلبي.. ومنحته قلبي البريء المتعطش.. ورغم جفائه لا زلت غير قادرة على كرهه.. فلماذا تركني.. لماذا فعل بي هذا؟ لماذا حطّم قلبي وتركني ضائعة.. أتخبط باحثة عمن يحتويني بعده؟

استمريت في البكاء مدة طويلة.. حتى مر بائع البالونات.. وحوله بعض الأطفال..
- مدام.. فيه صرف خمسين ريال..؟
رفعت رأسي.. نظرت للبالونات الملونة.. ووجوه الأطفال البريئة حوله.. تنتظر صرف المبلغ.. ابتلعت عبراتي.. وأدخلت يدي في حقيبتي.. هذه ورقة عشرين ريال.. وهذه ورقة عشرة.. مم.. ماذا يوجد أيضاً.. هذه ورقة..! أوف.. إنها صورته.. جعدتها بيدي واستمريت أبحث.. نعم.. هذه ورقة عشرين أخرى.. الحمد لله!
- تفضل..
- شكراً مدام..
وناولني ورقة الخمسين..
لحظة.. لو سمحت إديني وحدة..!!-
حملق البائع فيّ للحظة وأنا أناوله المبلغ بكل جدية.. ثم ما لبث أن ناولني واحدة.. وأكمل سيره..


كانت البالونة حمراء جميلة.. على شكل قلب.. لوهلة شعرت بأنها قلبي الضائع الذي ذاب كمداً.. أمسكتها بيدي.. ثم ساورتني رغبة طفولية في أن أدعها تطير عالياً.. وأرقبها من هنا..
نظرت إليها طويلاً وضممتها.. ثم..
أطلقت يدي وتركتها تطير..
بدأت تطير بهدوء وأنا أرقبها.. شعرت في تلك اللحظة أني أحرر قلبي من سجن هذه العلاقة..
شعرت أني أحرر قلبي من سلطانه الظالم عليّ.. حين استغل طفولتي ونقاوتي ورقة قلبي..
وجعلني أسيرة لأحرف اسمه..
ترى.. أي حب هذا كان عليّ أن أتلظى بناره خلف أسوار الخوف والتردد وتأنيب الضمير..
أكان لهذا الحب أن يعيش..؟ كان يجب أن أعلم يقيناً منذ البداية أنه سيموت لحظة ولادته.. لأنه حب كاذب وغير شرعي..

توقفت للحظة عن هذا التفكير..
وأخذت أنظر إلى البالونة وهي تطير نحو السماء.. سبحان الله.. كم هي جميلة.. ضوء القمر انساب على هذه الغيوم فأكسبها غلالة رائعة.. والبالونة تطير.. وتطير.. ثم تخترق الغيوم.. وتطير.. عاااااالياً..
حتى اختفت..

فكرت لوهلة.. وماذا خلف هذه السماوات.. ماذا هناك..
سرت في جسمي قشعريرة غريبة.. حين تخيلت أن الله فوقنا الآن.. إنه ينظر إلي.. في هذه اللحظة.. ويعلم بكل ما يتردد في سري.. فانتابتني خشية لم أشعر بها من قبل..
سبحان الله.. إنه ينظر إليّ الآن.. وقد كان ينظر إلي منذ ولدت.. وحين كنت أحادث طارق في الهاتف.. وحين كنت أخرج معه.. يا الله.. كان الله ينظر إليّ في كل لحظة.. لكنه أمهلني.. وصبر عليّ وهو الصبور الكريم.. أكرمني ورحمني.. ولم يعجّل بعقابي أو بموتي حتى أموت وأنا عاصية..
تذكرت فجأة قصة روتها لنا معلمة فاضلة.. حين قالت.. أن سيارة أصيبت في حادث ومات من فيها.. وحين أخرجوهما وجدوهما فتاة وشاب.. فتخيلوا الموقف حين يحضر الأب والأهل.. ويعلموا أن ابنتهم ماتت وهي خارجة مع شاب..! فضيحة في الدنيا والآخرة..
توقفت لوهلة وتخيلت لو كنت أنا مكانها..
كيف سأسوّد وجه أبي وأمي وعائلتي.. وقبل كل ذلك.. كيف سيكون مصيري وموقفي.. هناك.. أمام الله؟

يا الله.. الحمد لله.. أن كتب لي النجاة من هذه العلاقة.. الحمد لله أني نجوت منه قبل أن يحصل ما لا يحمد عقباه..
الحمد لله أن رحمني ولطف بي وأمهلني حتى هذه اللحظة..
شعرت بانتعاش يسري في قلبي وكأنه عاد للحياة من جديد.. وبدأ ينبض بصوت الحياة..
أدخلت يدي في حقيبتي.. وأخرجت صورته.. نظرت إليها طويلاً..
أيها القاسي.. كيف استطعت أن تعبث بقلب فتاة مثلي بكل برود.. كيف كنت تدعي الحب الصادق والعشق.. وأنت أبعد الناس عنه..؟!

ابتسمت حين تذكرت عبارات حبه.. وأنا أتذكر لحظة اكتشافي لعلاقته بإحدى صديقاتي في نفس الوقت!
أشعر بالعجب حقاً كيف كان لي أن أصدقه طوال تلك المدة.. وأصدق أعذاره وحججه..
نظرت مرة أخرى.. يا الله! خلف ذلك المظهر الوسيم أكان يختفي شخص آخر.. كم كنت بلهاء حين عشقت القناع.. وبعت من أجله راحتي وهدوء نفسي.. بل بعت ديني.. حتماً إنك لا تستحق سوى الرثاء أيها الـ..
توقفت عن التفكير.. شخص مثله لا يستحق أن أخسر دقيقة في التفكير فيه..
مزقت صورته مزقتها تماماً.. إلى قطع صغيرة.. رميتها على الأرض ثم وقفت لأطأها برجلي.. شعرت في هذه اللحظة أني أرمي القيد الذي كان يكبلني ويحرمني السعادة.. الحمد لله.. يا الله.. اغفر لي وتب عليّ..
يا الله.. كم أنت رحيم وكريم.. أمهلتني وصبرت عليّ وأنا أعصيك.. فامنن عليّ بعفوك ومغفرتك وأنا عائدة إليك..
وفجأة.. شعرت بقرصة جوع، فقمت من مكاني لأجري نحو أمي وخالتي.. بقي شيء من العشاء؟ أنا جائعة!
وخلفي.. تهادت موجة ماء قوية غمرت مكان جلوسي..
وابتلعت بقايا صورته...

**
مجلة حياة العدد (35) ربيع الأول 1424هـ



- 4 -

رحلتي مع الجمال . .
 سلسلة { اعترافات فتاة } (1) Ah-t-36
منذ أن كنت في الخامسة وأنا لا أحب أبداً النظر إلى المرآة مثل بقية الأطفال . .
كنت أعلم جيداً بغريزتي الطفولية . . أن شكلي لم يكن جذاباً بأية حال . .
لكن علاقتي بالمرآة بدأت تزداد نفوراً أكثر فأكثر حين دخلت المرحلة المتوسطة . .
وذات مرة حين تشاجرت مع موضي ابنة المديرة . . قالت لي بكل احتقار :
"اسكتي . . أيتها القبيحة!"



كنت دائماً الفتاة الأقوى شخصية والأكثر دخولاً في المشاجرات.. وكان لساني مسموماً كما تقول أمي.. لكني يومها صدمت بالحقيقة التي صفعتني بها موضي.. وسكت لوهلة والدموع تغرق عيني.. ثم انهلت عليها ضرباً حتى لا يلاحظ أحد دموعي..


نظرت إلي المشرفة الاجتماعية بحدة.. كنت أعلم أنها تكرهني تماماً كما أكرهها.. لكني شعرت بالظلم يومها.. لأني كنت أعلم أنها لن تسمع كلامي.. ولن تفهمه أبداً..
كنت أعلم أنها تنفر مني بسبب شكلي.. لكني أبديت الجمود التام..
كانت تنظر لي بكل احتقار.. ثم صرخت في وجهي: (ألن تتأدبي يا بنت..؟ ألم يؤدبك أهلك ويربوك؟)
سكتُّ وأنا أنظر إلى الأرض..
التفتت نحو إحدى الإداريات بقربها ثم قالت هامسة بصوت خفيض جداً: (استغفر الله.. سوء خُلق وخلق!) .. لكني سمعتها.. ونزلت كلمتها كالسهم القاتل في قلبي.. لكني سكتُّ أيضاً..


انتهى اليوم بضربي بشدة بالمسطرة على يدي.. ثم قرار بفصلي لمدة أسبوع..


وحين عدت إلى البيت.. دخلت إلى غرفتي بهدوء.. وأقفلت الباب..
ثم نظرت جيداً إلى المرآة..
وجه أصفر، نحيف وطويل.. عينان جاحظتان.. أنف مقوس طويل.. فك بارز وأسنان متداخلة.. شعر خشن باهت ومنفوش بعد شجار اليوم..
والجسم.. هزيل ونحيف جداً بالنسبة لحجم الرأس الكبير..
مررت يدي على شعري.. ثم وجهي.. تلمست صدري الذي تبرز عظامه..
لم أجد علامة واحدة للجمال أو الأنوثة..
شعرت بعطف كبير على نفسي.. ولأول مرة أخذت أبكي بحرقة..
كنت أعلم أني لست على أي قدر من الجمال.. لكني لم أكن مستعدة لتحمل المزيد من الإهانات في حياتي بسبب ذلك..



ترى.. أهو ذنبي حتى أظلم بهذا الشكل.. أهو ذنبي حتى ينفر مني البعض فقط بسبب شكلي..


هذا ما جعلني أحقد على العالم أجمع.. حتى أمي التي لم أسلم من تعليقاتها يوماً..


(شين وقوي عين!) هذا ما تقوله أمي دائماً حين أصر على شيء.. موضي لم تكن لتستطيع إهانتي بأي شكل.. إلا بسبب شكلي.. إنها نقطة ضعفي التي يمسكني منها الآخرون دائماً..


مرت مرحلة المتوسطة مليئة بالمشاحنات والحقد على الجميع حتى أصبحت منبوذة.. كنت كالقطة المتوحشة المستعدة لمهاجمة كل من يحاول مسها بأذى أو حتى يقترب منها.. كنت أحاول إخفاء الطفلة الحزينة في داخلي بالظهور بمظهر القوية الجامدة التي لا تهتم ولا تأبه بما يقوله الآخرون عنها..


وحين وصلت للمرحلة الثانوية.. بدأت أشعر أني تعبت من ارتداء القناع.. وأني لم أعد قادرة على التمثيل أكثر من ذلك.. كان دور القوية صعباً ومتعباً ومؤلماً جداً.. ولم أكن قادرة على تقمصه بعد ذلك..


ولسببٍ ما لا أعرفه.. بدأت أشعر بالانكسار.. والهدوء.. ثم الانعزال..


كنت أجلس في آخر الصف.. بالكاد أعرف أحداً من زميلات الفصل.. وبالكاد تعرفني إحداهن..
متجنبة أن أسبب أي أذى لأحد.. أو أن أتعرض أنا بدوري لأذى من أي شخص..


في تلك الفترة.. بدأت أهتم بالقراءة.. لأقضي بها الوقت الطويل الذي أمضيه وحدي.. سواء في البيت أو المدرسة.. وبهذا أجد بعض السلوى عن انعزالي عن الناس..


ولعدم وجود من يوجهني لما أقرأ.. وجدت نفسي أغرق في قراءة دواوين الشعر.. وبالذات شعر الغزل.. أصبحت أفكر طوال الوقت بهذه الأبيات وبالرومانسية الحالمة التي تسبح فيها.. حتى لم أعد أفكر بشيء سواها.. غرقت في تخيلات حالمة جميلة حول قصص الحب.. واقتنعت أنه الهدف الوحيد للحياة في هذا العالم.
وكنت كلما غرقت في هذا التفكير أكثر، كلما شعرت بالأسى والحزن أكثر فأكثر على نفسي، وشعرت أني إنسانة ناقصة غير قادرة على تبادل الحب كغيري، وبالتالي غير قادرة على تحقيق هدف الحياة..
جلب لي هذا التفكير إهمال كل ما حولي حتى تردى مستواي الدراسي.. وانقطعت علاقتي بشكل أكبر مع أسرتي.. أصبحت دائمة السرحان وحين كنت أجلس وحدي كنت أبكي دون سبب..
حتى صحتي بدأت تتأثر أيضاً فكثرت أمراضي وساءت تغذيتي فازداد وجهي نحولاً وشحوباً.. مما زاد اكتئابي أكثر فأكثر..


وذات مرة.. أصرت أمي أن أذهب معها إلى حفل زواج.. كنت أرفض المبدأ تماماً.. وهي تعلم أني لم أحضر أي حفل زواج منذ كنت في الصف السادس لأني لست بحاجة لمزيد من نظرات الاستغراب أو همسات الشفقة..
لكنها – ولأول مرة- أصرت بشدة وأقسمت عليّ.. ربما لأنها كانت تريد أن تخرجني من حالة الانطواء والحزن التي كانت تثير شفقة كل أسرتي عليّ..
شعرت أني في مأزق.. لكني أجبرت نفسي على ارتداء فستان قديم بدا واسعاً عليّ.. حاولت وضع بعض المكياج لكني لم أعرف كيف.. وحين جربت وضع ظل أزرق بدوت كمهرج مضحك.. غسلت وجهي ومعه دموعي.. ثم ذهبت للحفل كما أنا.. وبقيت صامتة طوال الوقت أجاهد دموعي حين أرى البعض يتهامس وينظر إليّ..


في أحد الأيام.. طلبتني أبله هدى،مدرسة التاريخ، هذه الإنسانة أحبها لا أعرف لماذا.. تبدو كشخص يفهم ماذا تعني المشاعر.. واستغربت حين علمت أنها تريدني أن أشاركهم في أنشطة المصلى.. أنا؟.. المصلى؟
كانت تريد مني أن أساعدها في إعداد النشرات وترتيب المكتبة وتجهيز اللوح وغيرها.. لوهلة.. فرحت..
ثم فكرت.. ربما كانت مشفقة.. فقد رأتني أكثر من مرة أجلس لوحدي في الفسحة.. لكن.. حسناً.. لا بأس.. لأجرب..


وبدأت التجربة.. وهناك.. اكتشفت أشياء كثيرة.. اكتشفت أن هناك أشياء كثيرة في الحياة أهم من الحب المادي البسيط الذي نجمع في بوتقته كل معاني الحياة.. هناك الحب الأعظم.. حب الحليم الرحيم.. الله.. الذي خلقني ووهبني النعم الكثيرة.. وهبني العقل والسمع والبصر وسخر لي السماء والأرض وكل شيء..
الله الذي اختارني من بين الملايين لأكون مسلمة.. جعلني أسير.. وأتكلم وأسمع وأفهم.. منحني آلاف الآلاف من النعم العظيمة.. واختارني للابتلاء حتى يمحو ذنبي.. نعم.. حين خلقني بجمال بسيط كان يريد ابتلائي فهل أصبر أم سأكون من الكافرين بنعمه..


يا الله.. يا مولاي وسيدي.. أحمدك.. كم أحبك يا الله.. منحتني هذه الحياة.. فيئست منها وكأني أتذمر من هذه الهبة العظيمة.. أمضيت وقتي في الحزن والتذمر ولم أفكر في التوجه إليك سبحانك..


وبدأت أذوق طعم السعادة التي لم أذقها في حياتي.. وشعرت بالرضا عن نفسي.. بل بدأت أحبها وأحترمها.. وشيئاً فشيئاً بدأت ثقتي بنفسي تزداد حتى استطعت أن ألقي كلمة على الطالبات في المصلى عدة مرات.. كنت أشعر أنهن لا ينظرن إلى أسناني أو عينيَّ الجاحظتين بقدر ما ينظرن إلى الكلمات التي تخرج من قلبي..


أصبح جدولي مليئاً بالأنشطة.. وأصبحت أواظب على حفظ أجزاء من القرآن مع جماعة المصلى.. أصبح لدي صديقات يضحكن ويمزحن معي دون أن أشعر بأي نقص عنهن.. لأن ما يجمع بيننا لم يكن علاقة دنيوية بسيطة تعتمد على المادة والمظهر والشكل.. العلاقة بيننا كانت أسمى من ذلك.. كانت علاقة أرواح.. علاقة حب في الله.. حبٌ لأجل الروح التي حلقت وسمت في فضاء الحمد والشكر لله..


أصبحت أنظر لكل شيء بحب وجمال، حتى انعكس ذلك على حديثي وملابسي واهتمامي بنفسي التي أصبحت أحبها..


وذات مرة طلبت مني والدتي مرافقتها لحفل زواج.. كدت أرفض في البداية لكني براً بها وحباً لها أجبتها.. يومها.. اخترت فستاناً بلون السماء يظهر من أطرافه الدانتيل الأبيض.. وارتديت طقماً لؤلؤياً ناعماً.. سرحت شعري القصير بعناية.. فقد أصبحت أحبه وأعتني به برفق.. حولت خشونته لتموج جميل مع استخدام كريم للشعر.. ثم وضعت شريطاً حريرياً أبيض تتدلى أطرافه على كتفي.. وضعت شيئاً من كريم الأساس تحت عيني الجاحظتين.. ولأول مرة أشعر بجمالها وأنتبه لطول رموشي السوداء..
أمسكت بأحمر الشفاه وأنا مترددة.. كان فاتحاً وخفيفاً.. وبلون الورد.. وضعت شيئاً منه بخفة.. ثم وضعت تحت أذني زيتاً عطرياً برائحة الفل..
وشعرت بنفسي لأول مرة.. كفتاة.. نظرت جيداً في المرآة.. يا إلهي.. لا أصدق.. إنها أنا!
كان وجهي قد تغير وأصبح أكثر إشراقاً وعيني أكثر لمعاناً..
ماذا حصل يا ترى.. كنت أعلم أنه لم يكن الفستان.. ولا المكياج.. ولا رائحة الفل..
لقد كانت السعادة التي حين تنبع من روح الإنسان.. فإنها تنعكس جمالاً على وجهه ومن عينيه..


وفي الحفل.. كنت أسير مع أمي بثقة وسعادة.. واستطعت لأول مرة أن أشاهد الآخرين بمنظار الحب لا منظار الحقد والكره.. فلم أر أي نظرة شفقة أو سخرية.. فهذا كله لم يكن سوى في مخيلتي المريضة..
لقد عرفت أخيراً كيف تكون الفتاة جميلة حين تريد..



حين تعرف.. أين يكمن الجمال..


**
مجلة حياة العدد (36) ربيع الثاني 1424هـ..
المدير العام
المدير العام
المدير العام
المدير العام

علم بلدك علم بلدك :  سلسلة { اعترافات فتاة } (1) Male_e10
ذكر الميزان
عدد المساهمات : 8474
نقاط : 2147488800
تاريخ الميلاد : 28/09/1986

تاريخ التسجيل : 07/10/2010

العمر : 38
الموقع : https://egyfree.ahlamontada.com
العمل/الترفيه : محاسب عام

الوظيفة :  سلسلة { اعترافات فتاة } (1) Accoun10
المزاج : الحمد لله على كل حال

https://egyfree.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى