احذروا عصافير الزنازين!!

من طرف **عين الحياه** الخميس أكتوبر 21, 2010 3:46 am

رفيق أسير فلسطيني، أخبره جنود الاحتلال الصهيوني في فترة التحقيق، أنه مذنب، وأنه متهم بقيادة تنظيم إرهابي، إلا أنه نفى ولم يعترف إلا بالمساعدة المالية لشراء الأسلحة.
أذاقوه العذاب ألوانًا، وأدمى جسده بالندوب والجروح لكنه صمد، هددوه باعتقال الأم والشقيق والخطيبة فلم يبالِ، آمن بأن الله خير الحافظين لعباده الصالحين، ولما حاولوا الضغط على جروحه فقط لانتزاع اعتراف منه أبى وتحمل الألم، فما كان منهم إلا اختيار طريقة أخرى لانتزاع الاعترافات التي يريدون، وكانت مصائد العصافير في غرف العار، أعلموه بأن التحقيق قد انتهى إلى هنا، وأمره أحد المحققين بإعداد نفسه للانتقال إلى السجن، وما كان إلا مرحلة جديدة لانتزاع الاعتراف في غرف العصافير، ترحيب وثناء بصموده وبطولاته، ومحاولات حثيثة، لتخفيف من آلامه بضمادات طبية، لكن الأمر بدا غريبًا لم يستوعبه رفيق، خاصة وأن أولئك العصافير من أسموا أنفسهم بمقاومين ومناضلين من أجل القضية والوطن، أخبروه بأن التنظيم بعث لهم برسالة يطلبون فيها تاريخه النضالي البطولي، وإثبات نقائه الأمني، وتفاصيل قضيته وعلاقته بالذين سئل عنهم واستجوبوه، من أجلهم زيفوا ختم التنظيم والرسالة، لكن الأمر لم يرق لرفيق، وظل متمسكًا بموقفه لا يبوح بسره لأحد، وبدأت علامات الاستفهام تتكاثر في خلده نحو المعاملة والأسئلة والاستفسارات التي يطلبونها، لكنه لم يفصح أبدًا عن شيء، وظل متشبثًا بالاعتراف الذي قدمه في باحة التحقيق، فلم يستطع أبوعنان صبرًا، واستشاط غضبًا من صموده، وحذره وكشف أبو عنان اللثام عن حقيقته بأنه أحد العصافير، وعاد من جديد رفيق إلى التعذيب والتحقيق؛ بغية انتزاع الاعتراف بطريقة أكثر مكرًا وخبثًا.
قصة رفيق واحدة من القصص الجمة التي يتعرض لها الأسرى في سجون الاحتلال؛ بغية انتزاع اعترافات منهم بتهم يوجهونها إليهم، "القدس أون لاين" في التقرير التالي التعريف بأشكال التحقيق عبر [الزنازين ]نعرض لأساليبهم وحيلهم المختلفة:
مواجهة مباشرة مع المحققين، وأخرى غير مباشرة في أقبية زنازين رمادية باهتة، لكن الأخيرة يقوم على تنفيذها [/size]عصافير url]السجون، "عملاء في السجون الصهيونية"، يوهمك بأنه تمامًا مثلك وطني يخشى إملاق الأسر والسجان، يعرض عليك خدماته بإيصال رسالة خاصة للأهل أو رفاق الجهاد، فيكون الاعتراف الصريح منك وبلسانك بالتهم الموجهة إليك، وتكتشف أنه عصفور من عصافير الزنازين تمكن من التغرير بك، وانتزاع الاعتراف منك دون تعذيب، وتكون النهاية الحكم بسنوات في الأسر سنوات وسنوات، تزيد ولا تنقص أبدًا، تغيب فيها عن الدنيا، ويلقي الزمن على جسدك ملامح تقادم العمر، تدخل الأسر طفلاً وتشب فيه وقد تشيخ أيضًا، وأحيانًا ينقضى الأجل ولا تنقضي مدة الأسر.
أشكال أخرى
ذلك أحد أشكال عصافير الزنازين [/size]الذين أضحت إدارة السجون تعتمد عليهم إلى حدٍّ بعيد في انتزاع اعترافات الأسرى بالتهم الموجهة إليهم، فيما يقوم الشكل الآخر على أن يرافقك العصفور في زنزانتك منذ ولوجك إليها، أو قبل ذلك، أو بعده بوقت قصير، فيظل صامتًا غارقًا في ثباتٍ عميق، نائمًا لا يستفيق إلا قليلاً، ما يدعو الأسير المناضل إلى الثقة فيه، فلم يعمد إلى استجوابه، ولم يظهر اكتراثًا بحديثه، وهنا يقع المناضل في الفخ، فيبوح بكل شاردة وواردة في ذهنه، وتكون بمثابة اعتراف بلسان حاله عمَّا قام به من أجل حرية شعب ووطن، فيما ينطوي الشكل الثالث على قيام العصفور– العميل لدى الاحتلال- بمحاورتك عن تفاصيل قضيتك بكافة الأساليب الممكنة، يأخذ منك الخطوط العريضة لها، وينتقل إلى زنازين أخرى بها أحد أفراد قضيتك، فيوهم الآخر بأنه ابن القضية، ويبدأ بسرد العموميات له لإيهامه بالصدق وكسب ثقته، وينجح في ذلك، ثم ينتقل إلى زنزانة أخرى وهكذا حتى يحصل على الاعتراف الذي يريد ليؤكد على إدانتهم جميعًا، ومن ثَمَّ يكون استكمال التحقيق المباشر والمحاكمة، أما النمط الأخير لعصافير الزنازين فيتمثل في اتخاذ دور الناصح الأمين، حيث يبدأ بالتحذير من "عصافير الزنازين"، ويشرح له تفاصيل السجن الحقيقي وسماته ومكوناته وأقسامه، ويخبره بأنه في مرحلة سابقة لمرحلة العصافير.
الأساليب المتنوعة والمتعددة والمطورة لعصافير الزنازين تجعل الكثير من الأسرى المناضلين الفلسطينيين يقعون فريسة لهم، فينتزعون منهم اعترافات تدينهم، وتقضي بتغييبهم عشرات السنين، وأحيانًا يغيبون مدى الحياة عن ذويهم، فلا يشهدون أجسادهم إلا جثثًا هامدة بعدما أعمل الزمن على يد السجان الصهيوني تفاصيله بها فتكًا ومرضًا وتعذيبًا.
احذروا عصافير الزنازين
تعذيب ينال من أجساد الأسرى يدميها بندوب لا تلتئم أبدًا، بل تزداد ألمًا كلما داهمتها ذاكرة الأسر إن تحررت بعد طول انتظار للفجر أن يومض بشروق شمس الحرية، أما إن بقيت محصورة بين أربعة جدران رمادية، فإن آلامها تزداد حرقةً تتغلغل في الأعماق بفعل سياسات تعذيب فقط لأجل انتزاع اعترافات بتهم يريدون من خلالها تغييب الأسرى عمرًا فوق عمرهم.
رأفت حمدونة، مدير مركز الأسرى للدراسات والأبحاث، حذر من استغلال إدارة السجون الصهيونية لندوب وجروح الأسرى التي يعانونها أثناء فترة التعذيب للضغط عليهم في انتزاع اعترافات منهم، وأضاف: "احذروا أيضًا عصافير الزنازين، أولئك العملاء الذين باعوا الأرض والوطن والحرية لقاء ثمنٍ بخس". وبمزيد من التوضيح لفت أن العصافير– العملاء- يقومون بتقمص شخصية مناضلين فلسطينيين، ويبدءون بتمثيل مقاطع مسرحية من الإيمان بالقضية والتنظيم، يعمدون بها إلى طمأنة الأسير المناضل الحقيقي لهم بأنهم شركاؤه في المبادئ، وأنهم يعانون الأسر وظلم المحتل تمامًا كما هو يعانيها– لكنهم كاذبون- وغالبًا ما يقع الأسرى فريسة لهذه المسرحيات ويبدأون بإبداء ثقتهم بالعصافير، فيتحدثون بلا وجل ولا حذر، فيقعون في الهاوية، لافتًا إلى قصة الأسير المناضل رفيق الذي عمد ضباط التحقيق إلى إجباره على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليه عبر غرف العصافير، وأيضًا من خلال استغلالهم لجرحه ولمسه بأداة لإجباره على الاعتراف، غير أنه لم يعترف إلا بالتهمة التي اعترف بها عليه الآخرون بأنه قدم مساعدات مالية لشراء سلاح للمقاومة[/size]