منتديات مصر الحره
اهلا ومرحبا بك فى منتديات مصر الحره

اذا كنت عضو معنا تفضل بالدخول ، واذا كنت زائر ندعوك

للتسجيل معنا فى منتدانا للاستفاده منه وإفاده أعضاءه

ولمراسله الاداره فى اى أمر هام توجه الى قسم الزوار وأضف طلبك او موضوعك

مع أرق وأجمل تحياتنا لكل الزوار والأعضاء ،،، إدارة المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مصر الحره
اهلا ومرحبا بك فى منتديات مصر الحره

اذا كنت عضو معنا تفضل بالدخول ، واذا كنت زائر ندعوك

للتسجيل معنا فى منتدانا للاستفاده منه وإفاده أعضاءه

ولمراسله الاداره فى اى أمر هام توجه الى قسم الزوار وأضف طلبك او موضوعك

مع أرق وأجمل تحياتنا لكل الزوار والأعضاء ،،، إدارة المنتدى
منتديات مصر الحره
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
رقم الزائر
.:: أنت الزائر رقم ::.
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Counter

 
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

ساعه المنتدى
المواضيع الأخيرة
» مؤسسة صقر الشارقة للنقليات | transporters
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالخميس فبراير 29, 2024 5:08 pm من طرف lovesport

» شركة تنظيف بالجبيل
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالأحد فبراير 18, 2024 2:04 am من طرف شيماء أسامة 272

» شركة تنظيف بالجبيل
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 31, 2023 10:00 pm من طرف شيماء أسامة 272

» شركة تنظيف سجاد براس تنورة
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 09, 2023 5:00 pm من طرف شيماء أسامة 272

» تحميل القران الكريم بصوت القارئ عبد الباسط عبد الصمد mp3 كامل مجانا مضغوط
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 18, 2023 12:34 pm من طرف alaa_eg

» تحميل التعليق العربي pes 2013 حفيظ دراجي
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 17, 2023 12:41 pm من طرف alaa_eg

» تحميل برنامج SFX Maker لصناعة البرامج تثبيت صامت بآخر إصدار
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:32 am من طرف alaa_eg

» تحميل برنامج تشغيل الفيديو QQ Player كيوكيو بلاير للكمبيوتر
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:27 am من طرف alaa_eg

» تحميل برنامج صانع شهادات التقدير للكمبيوتر مجاناً - Certificate Maker
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 12, 2023 9:09 am من طرف alaa_eg

» تحميل القران الكريم بصوت اسلام صبحي mp3 كامل مجانا
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 10, 2023 5:32 am من طرف alaa_eg

» بوكلين فولفو 460 - حفار فولفو 2009 - VOLVO EC460B - Excavator - كود A 282
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 14, 2023 4:11 pm من طرف lovesport

» تبادل إعلاني مجاني - تبادل بانرات ، تبادل اعلانات نصيه ، تبادل زيارات
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:34 pm من طرف alaa_eg

» منتديات عرب مسلم
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:32 pm من طرف alaa_eg

» منتديات مثقف دوت كوم
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:30 pm من طرف alaa_eg

» منتدى برامج نت
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:28 pm من طرف alaa_eg

» منتدى المشاغب
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:26 pm من طرف alaa_eg

» منتديات العرب
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:24 pm من طرف alaa_eg

» منتدى عرب مسلم
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:22 pm من طرف alaa_eg

» منتديات برامج نت
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:20 pm من طرف alaa_eg

» منتدى فتكات
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 24, 2023 6:18 pm من طرف alaa_eg

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1750 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Shimaa mohamed فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 33041 مساهمة في هذا المنتدى في 8848 موضوع
دخول

لقد نسيت كلمة السر

مجموعة منتديات مصر الحره
مجموعات Google
مجموعه منتديات مصر الحره
زيارة هذه المجموعة
-------------------------------------------------------------------
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Groups_logo_sm
اشتراك في مجموعه منتديات مصر الحره
أدخل إيملك ليصلك جديدنا:
تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 


تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات مصر على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات مصر الحره على موقع حفض الصفحات


سلسلة { اعترافات فتاة } (2)

اذهب الى الأسفل

سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Empty سلسلة { اعترافات فتاة } (2)

مُساهمة من طرف المدير العام الأربعاء أكتوبر 27, 2010 1:30 am














- 5 -

حين قالت .. أنتِ بلا مخ!
سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Ah-t-37

حين كانت أستاذة منيرة تكتب درسها الممل على السبورة كنت أول من يقوم بقذف
الطائرات في اتجاهها . .
وكان هذا العمل يعد بطولياً بالنظر إلى عصبية أبله منيرة وحدتها . . لذا كانت
الطالبات يحاولن كتم ضحكاتهن التي لا تحتمل حين تضرب إحدى طائراتي الهدف مباشرة!
كانت تشتعل غضباً وصراخاً باحثة عمن قام بهذا لكنها عبثاً لا تملك أي دليل عليّ فقد
كنت ممثلة ماهرة جداً . .


لذا كانت تصب جام غضبها على الطائرات فتقطعها إرباً وهي تتوعدنا بنقص الدرجات التي كانت آخر ما يهمنا.. أو يهمني أنا شخصياً..

كنت الطالبة المهملة المثالية في تلك المدرسة الابتدائية.. وكان بالإمكان تقليدي وسام (أكسل) طالبة في المدرسة.. كل المدرسات كن يمقتنني وينفرن من تصرفاتي الهوجاء وإهمالي الدراسي.. كما أن أمي لم تكن تعتني بنظافتي وترتيبي كثيراً فاكتملت المأساة..


وفي كل مرة كانت المشرفة الاجتماعية تعطيني ورقة لأمي كنت أمزقها وأرميها في طريق عودتي للبيت.. أمي لم تكن تقرأ وحتى لو كانت تقرأ فهي لا تهتم أصلاً بهذه الأمور..


وذات يوم في حصة الرياضيات قالت لي أبله سلمى: (أنت لا تفهمين لأنك لا تملكين مخاً أصلاً مثل باقي البشر!!) كانت كلمتها قاسية جداً وجرحتني، لكني أبديت اللامبالاة ووقفت في صمت خلف باب الفصل لأكمل عقابي لعدم حل الواجب وأيضاً بسبب إضحاكي لزميلاتي طوال الوقت..


كنت مقتنعة تماماً أني لا أصلح لشيء.. وأن هذه المدرسة ليست لي ولا لأمثالي.. إنها للفتيات اللاتي يعشن مع أسرة طبيعية ويخرجن للنزهات مع أهاليهن.. إنها للفتيات المرفهات وليس المعذبات والمهمَلات أمثالي..


لذا لم أكن أهتم بأي شيء.. ورسبت للعام الثالث على التوالي في الصف السادس..


وفي السنة الأخيرة زاد شغبي وإهمالي حتى قررت المدرسة فصلي تماماً من المدرسة.. وعدت إلى البيت لأخبر أمي بأني يجب أن أذهب لمدرسة أخرى..


وبالطبع لم يكن لأمي أي تعليق حول ذلك.. فقد كان في مجلسها عدد من النساء وكانت مشغولة بالحديث والضحك معهن..


لذا طلبت من ابنة عمي المتزوجة أن تأتي معي لأسجل في مدرسة أخرى.. وذهبت معي وحاولنا.. لكن المديرة رفضت فقد كان سجلي حافلاً ولا يشجع على القبول بي في أي مدرسة..


ثم حاولنا في مدرسة أخرى وتم الرفض أيضاً.. ولم يكن أمامي سوى أن أعرض على والدي تسجيلي في مدرسة أهلية، لكنه رفض تماماً.. فقد كان مشغولاً بتكاليف زواجه المقبل.. ولم يكن يستطيع تحمل مصاريف جديدة..


عندها أيقنت أني يجب أن أجلس في البيت حتى يقضي الله أمره..


وبقيت في المنزل عامين كاملين.. لم أشعر خلالهما بأي شيء.. كنت أزور بنات عمي ويزرنني بدورهن أحياناً.. وفي الربيع كنا نخرج للبر.. ولم يكن هناك أشياء جديدة..


طوال تلك المدة كان هناك جرح يؤلمني رغم محاولتي لتجاهله.. إنه تيقني التام.. أني إنسانة فاشلة.. ولا فائدة لها في الحياة.. كانت كلمة أبلة الرياضيات لا تزال ترن في ذهني.. أنت لا تملكين مخاً مثل باقي البشر.. أنت لا تملكين مخاً..!


لذا برمجت حياتي كلها على هذا الأساس.. وهو أني انسانة بلا مخ.. بلا عقل.. همها فقط الضحك واللعب والحديث..


وكنت أعرف منذ طفولتي أني محجوزة لابن عمي مساعد.. صديق طفولتي.. والشاب العاقل الوسيم الذي تتمناه كل فتيات أسرتنا.. لكن لسببٍ لا أعرفه لم يتم الحديث حول هذا الموضوع أبداً رغم أني أصبحت أبلغ من العمر 17عاماً وهو عمر مناسب للزواج في نطاقنا العائلي..


وذات مرة سمعت همسات بين أمي وزوجة عمي، وبدت أمي غاضبة بعض الشيء.. ثم جاء دور أبي الذي ظهر غضبه جلياً.. وسمعت صراخاً بينه وبين عمي في المجلس.. لكن دون أن أعرف حول ماذا..


وبعد يومين.. عرفت الحقيقة من ابنة عمي.. لقد كانت المسألة كلها حولي أنا.. ومساعد..


فمساعد الذي بنيت أحلامي عليه.. لا يريدني.. مساعد الذي تخرج الآن من الكلية الأمنية لا يريد فتاة محدودة الأفق والتفكير مثلي.. إنه لا يريد فتاة ناقصة.. أو بلا مخ كما أخبرتني معلمة الرياضيات..!


وكانت هذه قاصمة الظهر بالنسبة لي..


لقد أصبت هذه المرة بشدة.. وفي صميم كبريائي..


استطعت تحمل الصدمة.. وتجاوزت الموضوع رغم الانقطاع الكبير الذي حدث بين أهلي وبين بيت عمي.. لكني أيقنت حينها أني يجب أن أتغير..
يجب أن أفعل شيئاً لنفسي..


واتخذت قراري بإكمال تعليمي عن طريق المنازل..


كان القرار صعباً في البداية.. وكنت مشتتة لأني أعود للدراسة بعد ثلاثة أعوام من نسيانها.. لكن عزيمتي كانت أقوى من أي صعوبات.. توكلت على الله.. وعزمت على التفوق وليس النجاح فقط في دراستي..


وبالفعل استطعت سنة بعد سنة اجتياز الصف الأول ثانوي وبتقدير جيد جداً.. وهو ما لم أحلم به في حياتي..


وبعد ذلك شعرت أني بحاجة لشيء يشغل وقت فراغي طوال العام.. فقررت الالتحاق بدار التحفيظ الجديدة التي فتحت قرب بيتنا..
وبالفعل التحقت بها وانسجمت مع المدرسات والطالبات وشعرت أني بدأت حياة جديدة.. فقد كان الجو ودوداً جداً.. وتحمست جداً لحفظ القرآن الكريم..


وذات مرة.. أشادت بي المعلمة وقالت أن لي حافظة قوية.. فطأطأت رأسي وقلت لها بخجل.. (أنت تجاملينني فأنا طوال عمري كسولة ولا أملك قدرات عقلية مثل غيري..)
نظرت إلي أبله هناء باستغراب وقالت.. (ومن قال لك ذلك؟)



قلت لها: (معلمة الرياضيات قبل ثمان سنوات)


عندها قالت لي وهي تبتسم : (على العكس تماماً أنت إنسانة ذكية ونبيهة جداً.. ربما كانت فقط ظروفك هي المؤثرة سلباً عليك، وحينما كبرت واستطعت تجاوز هذه الظروف؛ ظهرت قدراتك العقلية التي كانت خافية بسبب الإهمال وبسبب الظروف القاسية).


لم أستطع حبس دمعة ساخنة في عيني.. فطوال عمري لم أشكو لأحد معاناتي الحقيقية التي كنت أحاول اعتبارها أمراً عادياً.. لذا لم أشعر بنفسي إلا وأنا أسرد لمعلمتي شريط حياتي بكل آلامه..
حكيت لها عن قسوة أمي وعدم اهتمامها بي ولا بنظافتي ولا تعليمي وتربيتي منذ الطفولة، وحكيت عن أبي الذي لا نراه إلا نادراً بسبب انشغاله بزوجته الجديدة ثم طلاقه وزواجه من جديد.. حكيت لها عن تقتير أبي علينا وحرماننا من أبسط احتياجاتنا.. وعن أسرتنا حيث المشاعر لا أهمية لها ولا مكان سوى للقسوة والحدة في التعامل.. وحكيت كيف شاهدت أمي تضرب عدة مرات من قبل أبي.. وكيف سجن أخي عدة مرات بسبب العصابة الفاسدة التي يصاحبها، وعن الديون التي أغرقت كاهل أبي ودفعته لخلافات كثيرة مع إخوته.. حكيت لها كل ما كان يعتمر قلبي ويكبت أنفاسي منذ سنوات.. ثم حكيت لها عن قصة مساعد وكيف رفضني بسبب كسلي وغبائي..


وشعرت بالحرج.. كيف أخبرتها عن كل ذلك..


لكنها ابتسمت لي ربتت على كتفي وقالت.. (عزيزتي نفلة.. الإنسان هو ما يطمح أن يكون.. مهما كانت ظروفه.. أنت الآن على أعتاب طريقك الصحيح فاستمري به وسوف تصلين بإذن الله وتصبحين الإنسانة المحترمة التي تطمحين لأن تكوني إياها.. ثم.. انظري دائماً للجانب الأفضل.. أنت رغم كل تلك الظروف كنت وما زلت نفلة الطيبة المحبوبة التي يحبها الجميع لطيبتها ومرحها.. كما كنت نفلة الخلوقة الصالحة التي لم تنسق وراء المغريات أو تنحرف كما تعلل الكثيرات أسباب انحرافهن بظروف الأسرة.. أنت استطعت مقاومة كل ذلك.. وبالإضافة إليه طورت نفسك وشققت طريقك نحو النجاح في الدنيا والآخرة.. لقد نجحت في الدراسة ونجحت في حفظ نصف القرآن في سنة واحدة وهذا إنجاز كبير جداً ورائع يا نفلة.. أنت إنسانة رائعة وموهوبة ما شاء الله)


نظرت إلي مرة أخرى ثم قالت وهي تبتسم: (وسيعوضك الله من هو خير من مساعد فلا تقنطي من رحمة الله واستمري في طريقك).

انسابت كلمات معلمتي كالماء الزلال على الأرض العطشى المتشققة فتشربتها بعطش وارتاحت لها نفسي وشعرت أني أعطيت دافعاً قوياً للسير نحو النجاح..


والحمد لله بعد عام آخر تخرجت من الثانوية بتقدير لم يتوقعه أحد، كما أتممت ختم كتاب الله في نفس السنة. وفي نفس السنة أيضاً.. تقدم لخطبتي أحد أقاربنا الذي لم أتوقع يوماً أن يخطبني.. لقد كان مهندساً وقادماً للتو من الخارج بعد إكمال دراسته وكان يبحث عن فتاة صالحة.. لقد شعرت لوهلة أن هذا كثيرٌ عليّ.. بعد هذه السنوات كنت أتوقع أن أحظى بأقل من هذا بكثير.. لكن الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء..


وتزوجت وعشت في سعادة ولله الحمد.. وشجعني زوجي على إكمال دراستي الجامعية بالانتساب..


وفي حفل تخريج الخاتمات لكتاب الله.. كنت أتهادى في سيري وأنا حامل في شهري الأخير.. وقد اجتزت السنة الجامعية الأولى في كلية الدعوة وبتقدير امتياز..


وفي لحظة تسلمي للشهادة شعرت بدموعي الساخنة تترقرق في عيني، وتمنيت لو ألتفت فأرى معلمتي في الرياضيات هنا بين صفوف الحاضرات..


**
مجلة حياة العدد (37) جمادى الأولى 1424هـ


[center]- 6 -
هذه الزواية من اعداد / أمل السبيعي

ولدت لأبقى

يوماً ما كان السكون يملأ داخلي . . عواطفي . . وكل جزء من نفسي . .

تخرجي من الجامعة والتحاقي بعمل رائع كان يزيد هذا الإحساس الجميل بداخلي يوماً بعد يوم . .

كنت وسأظل أرسم حلماً كبيراً لحياتي . . هدفاً جميلاً يحركني ويشعل في أعماقي قوة هائلة تزيل دائماً ما يعلق في طريقي من آلام وأحزان . . كنت دائماً وحتى الآن أهرب من واقعي الصاخب إلى حيث الهدوء والسكينة . . إلى صلاتي . . راحتي وسعادتي . . بعض من حولي لا يلتفت إلى هذه السعادة . . لذلك هم دائماً يحسدونني على هذا الرضا والأمان الذي يتخلل أنفاسي . .

سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Ah-t-38

ذات صباح رسمت الحلم مرة ثانية ولكنه اليوم أقوى من أن يُرسَم.. إنه يوم تعييني رئيسة القسم في المستشفى.. ارتديت ملابسي وركبت السيارة وكلمات المدير التي تثني على اتقاني وتفاني في عملي تحيك الحلم بألوان ذهبية أخرى..
كان أبي يرمقني ونحن في السيارة.. نظرات أبي لم تكن تعجبني.. ترى ما الأمر؟.. لم كل هذا التوجس والقلق في عيني أبي؟..
وأخيراً تكلم أبي.. خلود!.. تنزلين الآن وتقدمين استقالتك فوراً!
نزلت هذه الكلمات عليّ كالصاعقة.. ماذا؟!.. استقالتي!.. لماذا؟ ماذا حصل؟.. ماذا هناك؟ لماذا أستقيل من عملي؟
لم يسمع أبي هذه الكلمات وهو يسبقني إلى مكتب المدير العام ليطلب منه شخصياً استقالتي..
تفاجأ المدير جداً.. خلود تطلب الاستقالة؟!.. لماذا؟ ماذا حصل؟..
نفس الكلمات أيضاً لم تلق إجابة من والدي..
واستقلت..
هذا الذي عرفته لمدة يومين.. أني استقلت فحسب..
بعد هذا الموقف العصيب شعرت بتعب شديد.. أخبرت أمي برغبتي في الذهاب إلى الطبيبة.. تغير وجه أمي.. الطبيبة؟.. لماذا؟!
عادي.. أشعر بتعب شديد.. لعله بسبب ما تعرضت له من صدمة..
لم ترد عليّ أمي.. إلا أنها أصرت على الذهاب معي..
وبعد الكشف.. أخبرتني الطبيبة أني مصابة بفقر حاد في الدم.. هنا تفاجأت بسؤال أمي.. فقط فقر دم ... هل أنت متأكدة؟

نعم .. أجابت الطبيبة ... وعيني لا تكاد تفارق وجه أمي .. ترى لماذا هذا السؤال.. ولماذا كل هذا الخوف في ملامح أمي .. كما أني طوال حياتي وأنا اذهب للطبيبة وحدي .. لماذا أصرت أمي أن تذهب معي هذه المرة؟

أسئلة كثيرة أخذت تدور في رأسي دون أن أجد لها أي تفسير ...

دخلت عليّ أختي في هذه الأثناء .. وفجأة وبدون أي مقدمات رمتني بكلمة كادت أن تقتلني .. (ماذا بك؟ .. كل هذا التفكير من أجله؟.. فقدته وافتقدت التنزه معه؟)

هنا فقط توقفت أخيراً فقد خرج أحد من الصمت المطبق الذي يحيرني وبلا شعور مني صرخت فيها بقوة
- ماذا تقولين؟


- أمرك انكشف لأبي وأمي.. وصلهم من أكثر من قريب أنك تخرجين مع أحد زملائك في عملك وعلاقتك به قوية ... لا داعي للإنكار..

أسرعت إلى أمي وأنا أكاد أسقط من هول الصدمة..
- نعم أختك قالت الحقيقة! هذا ما حصل بالطبع ... وأخر اتصال وصلني من خالتك .. تطلب مني أن أخرجك من هذا العمل حالا لهذا السبب..


دافعت عن نفسي كثيراً .. كثيراً جداً.. لكن .. هل صدقني أهلي بعد كل ذلك ... لا أدري ..

وبعد هذا الموقف العصيب بكيت كثيراً .. الآن عرفت سر إصرار والدتي على الذهاب معي للمستشفى كانت تريد أن تتأكد أني لست حاملاً..

أغلقت عليّ غرفتي لأيام طويلة ..

ذات ليلة كان السكون يملأ أرجاء غرفتي الهادئة ... وكعادتي أشعلت شمعة غرفتي الصامدة التي لم تحترق حتى الآن .. تنفست بهدوء .. شعرت أني افتقدت شيئاً غالياً انه أنيس حياتي .. إنها سجادة صلاتي التي من حبي لها دائما تبقى في مكانها ولا تتغير.. صليت كثيرا ودعوت الله كثيراً.. حينئذ بدأت نفس المشاعر والأحاسيس الدافئة تعود رويداً رويداً إلى نفسي تهدؤها وتسكنها.. أخذت ورقة وقلماً وبدأت أكتب..

ولدت في هذه الحياة لأبقى بإذن الله صامدة وقوية.. أبني نفسي وأسير في طريق حياتي مهما حدث .. وما زلت لن أحيد عن ذلك فلن أتوقف لأي سبب كان ..

بعدها .. واجهت مواقف قوية من أهلي ترفض عودتي إلى ساحة العمل مرة أخرى .. لكني صبرت وحاولت مرارا ... وبفضل من الله نجحت .. والتحقت بعمل أروع من السابق ... اثبت فيه وجودي وكياني ..

والآن وبعد مضي ما يقارب أربع سنوات على هذه الحادثة أصبحت اشغل منصب نائبة المديرة العامة في إحدى المؤسسات .. وبما أن الحقيقة لابد بإذن الله أن تظهر يوما ما فقد ذهبت إلى عملي السابق أبارك لإحدى صديقاتي زواجها.. هنا فاجأتني أنها تريد أن تخبرني بأمر هام وهو أن قريبي الذي توسط لي لأدخل إلى عملي السابق وتجاهلت اتصالاته التي لا داعي لها.. هو من أظهر هذه الإشاعة البغيضة وهو من نشرها في أوساط عائلتي..

هل أخبر أهلي..؟

سؤال سألته نفسي طوال طريق عودتي للمنزل..

- أبي..! أريد أن أخبرك شيئاً..


فرح أبي وقال..
- هاه يا خلود.. طلع الراتب؟


ضحكت بلا شعور مني..
- غداً يا أبي (إن شاء الله)..


قبلت رأس أبي الذي اعتاد أن أعطيه بعض المال منذ تقاعد..
تراجعت وسكت وأنا أردد في سري..
حسبي الله ونعم الوكيل.. وكفى..


ــــ ـــــــ ــــ ـــــــ

لن أيأس يا أمي ..

مع حلول أذان العصر ..
بدأت أمي تحزم أمتعتها للسفر.. وكنت صغيرة لم أفهم ما تفعل.. كنت أخاطبها..
- أمي أين تذهبين؟ لماذا تحملين حقائبك؟
أمي لا ترحلي..


كان عمري آنذاك ثمان سنوات..

وقبيل أذان المغرب.. أخذت أصرخ وأبكي.. أمي.. أرجوك.. لا تتركيني..!

لكن أمي لم ترد..
قبلتني واحتضنتني.. ثم وضعت حقائبها في السيارة، وذهب بها أخي إلى المطار..


جلست في حديقتنا أعاني بعد أمي..
وفي ذلك الوقت.. بدأت أشعر بالمسؤولية.. أخذت أبكي.. وأفكر كيف سأعيش في هذه الحياة القاسية..
كيف سأنام وحدي بعد أن تعودت أن أنام بجانب أمي وفي حضنها الدافئ؟


نظرت إلى الشمس وهي تغرب وتختفي.. كما اختفت أمي عن عيني..

ولم أنم في تلك الليلة حتى آذان الفجر.. تذكرت أمي.. وتذكرت كلماتها..
(هيا إلى الصلاة) فالله يحب الصلاة..
عندها.. قمت وتوضأت وصليت.. ودعوت الله أن تعود أمي كما عادت الشمس وأشرقت..


أريد أن أنام.. ولكن لم أستطع.. لم أتعود النوم وحدي.. وما زلت أدعو الله أن تعود أمي.. وأملي بالله كبير..

حاولت النوم مرة أخرى لكن لم أستطع.. وبقيت يقظة حتى موعد الذهاب إلى المدرسة.. قمت وجهزت نفسي.. كان أول يوم أجهز فيه نفسي بمفردي..

كان البرد قارساً.. أخذت معطفي، ولبست حذائي.. ومشطت شعري..

ثم نهض أبي من نومه ليذهب بي إلى المدرسة..

لاحظت زميلاتي حزني.. فأين تلك الطالبة المجتهدة التي كانت تملأ حياتها حباً ونشاطاً وحيوية؟؟

أقبلت زميلاتي عليَّ ليسألنني .. ما بك يا (جيهان)؟ .. لم أجب..
ثم قلت.. مجرد إرهاق بسيط..
فقلن لي.. تعالي والعبي معنا، فقلت لا.. فأنا متعبة..


لاحظت صديقتي المخلصة أنني أكذب ولأول مرة.. فقالت:
- ما بك يا (جيهان)؟ أنت لست متعبة.. أجيبي بصراحة .. وجهك شاحب وعيناك حمراوان، ثم ما هذا الذي ترتدينه؟ فالبرد قارس وعادة ما تلبسك أمك ما يدفئك...


فعاودت البكاء ثانية، فقالت: ألم أقل لك أنك تحملين هماً بداخلك.. ماذا يحزنك؟
حكيت لها الحكاية.. وخففت من همي وحزني.. ثم قالت لي.. لا داعي للبكاء فلن يفيدك في شيء..
وأخذت تشغلني لأنسى الأمر.. ولكن من الصعب ذلك..


عدت للبيت.. دخلت المطبخ أبحث عن أمي.. أتخيلها وهي تجهز طعامي..

واستمرت حياتي على هذا الحال.. وعانيت بعدها سنيناً وأياماً..

خلالها تدني مستواي الدراسي عن السابق ولكن ليس تماماً فقد كانت أمي مهتمة بي كثيراً خاصة وأني أصغر إخوتي..

بعد ذلك.. تزوجت أختاي.. وعشت بعدهم وحيدة في المنزل مع أبي..

وحيدة أصبحت.. فلا أجد من أشكو إليه همي أو أتحدث إليه..

لكني إلى الآن لم أفقد الأمل ولله الحمد فما زلت أدعو الله أن تعود أمي وتعود الحياة جميلة.. فأعود للفرح.. أعود الطفلة التي كانت تملأ البيت سعادة بصراخها ولعبها..

أريد أن أذكر كلمة (أمي) مرة أخرى..

(أمي) أنا جــائعــة! أمي لدينا حفل في المدرسة..

(أمي) ما أجمل هذه الكلمة التي تتمتع بها كل فتاة في مثل عمري..

وما زلت أدعو الله من كل قلبي وبكل الشوق أن تعود أمي إليَّ.. وأملي بالله كبير..

جيهان 13 سنة

**
مجلة حياة العدد (38) جمادى الآخر 1424هـ



- 7 -

غريبة في بيت أهلي

سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Ah-t-39

حين عدت من المدرسة ذلك اليوم . . ألقيت نفسي على السرير وأخذت أبكي وأبكي بحرقة . .
فقد شعرت حقاً كم أنا ضعيفة ومهانة . .
لا أعرف كيف سمحت لها أن تقول عني هذا الكلام . . لقد وصفتني بالمنافقة والكاذبة رغم أني أبعد الناس عن هذه الصفات . .
لكنها مشكلتي أنا . . نعم . . إنه ذنبي . .
لم أعرف كيف أعبّر عما أريد قوله . .ولم أرد أو أدافع عن نفسي . . يا لي من غبية حمقاء . .!
هكذا أخذت أردد على نفسي . . وأنا مستمرة في البكاء والنشيج . .
كنت أعلم أني على حق وأنني إنسانة بريئة مسالمة لكن سمر التي كانت تكرهني استغلت عبارة بسيطة قلتها لتقلب الموقف عليّ وتحرجني بكلامها الجارح أمام البنات . .


لا أعرف لماذا سكت تماماً ولم أعرف كيف أرد..
إنني هكذا دائماً جبانة ومترددة ولا أعرف كيف أتحدث مع الآخرين.. ثم أعود لغرفتي لأبكي على نفسي المهانة..


- (مي.. هيا دورك..!)

- ...

- آآ.. عـ.. عفواً أستاذة..لا أستطيع .. تفضلي موضوعي..

- كلا يجب أن تقرئيه بنفسك..

وأمام إصرار المعلمة كنت أقف وقطرات العرق تتصبب وأنا أشعر أن الدنيا تدور بي، وأن الجميع ينظر إلي.. لكني أحاول أن أتماسك وابدأ بالقراءة وأنا أتنفس بعمق.. ودقات قلبي تتصاعد حتى ينتهي الموضوع بسلام..
هكذا كانت تمر عليّ حصة التعبير برعب لأني أضطر خلالها للوقوف والحديث أمام الجميع..


كان والدي يعيرني دائماً لأنني لم أرث عنه قوة الشخصية والحديث بطلاقة.. فقد كان أبي اجتماعياً يعرف الكثير من الناس ويتحدث بطلاقة مع الجميع.. لكني كنت أعتقد أن لكونه مديراً لشركة كبرى دوراً في ذلك.. أما أمي فقد كانت مدرسة وتمتلك أيضاً قدراً من قوة الشخصية.. لكنها لم تفهمني يوماً أو تشعر بالعقدة التي أعاني منها..

ورغم كل العوامل الأسرية الجيدة التي كانت تحيط بي، حيث لم أتعرض للعنف أو الإهانة في المنزل.. لكن شيئاً ما كان يجعلني أشعر بالقلق والخوف دائماً.. كنت أخشى دائماً مجالسة الآخرين ولا أعرف كيف أتحدث أمامهم.. حتى أنني أصبحت منطوية ومنعزلة وقليلة الصداقات بسبب هذا الأمر..

وما زاد حدة الأمر أن الجميع في أسرتنا كان يتخذني مادة للسخرية نظراً لسرعة ارتباكي وضعف شخصيتي.. فقد كنت مشهورة بأنني أكثر من يحطّم الأواني ويدلق السوائل على المائدة.. حتى أنني أصبت بإحراج شديد يوم أن عرضت علي ابنة عمي أن أساعدها في صب القهوة لبعض الضيفات فقالت لي وهي تضحك بخبث:
- لا حبيبتي مي.. حتى تكبين القهوة عليهم وتحرقينهم مساكين؟!


حين كنت في المرحلة المتوسطة.. كنت شديدة النحف.. مما جعل نحفي سبباً آخر لإحساسي بالنقص عمن حولي، كما ساهم في إظهار ضعفي وارتباكي الدائم.. فزاد هذا من مشكلتي وجعلني أنطوي أكثر بعيداً عن نظرات الاستهزاء أو العطف.. وحين كبرت ودخلت المرحلة الثانوية.. تحسنت حالتي بعض الشيء، لكنني كنت لا أزال أشعر بأنني دائماً الأضعف.. وأن الآخرين أقوى مني وأفضل مني.. فحين تتكلم الفتيات عن موضوع ما وأود مشاركتهن أجد لساني عاجزاً عن الحديث فأتلعثم في كلامي وأقلب الكلمات والعبارات بشكل مضحك فيتحول انتباههن للضحك على أخطائي فيحمر وجهي وأزداد إحراجاً وأتمنى لو لم أنطق بحرف..

وحين تخرجت من الثانوية.. ازداد وضعي سوءاً.. فلم أعد أحضر اجتماعات أقاربي إلا نادراً وتحت إلحاح أمي الشديد.. وبقيت حبيسة غرفتي أقرأ وأطالع الكتب علها تغنيني عن وجود صديقة في حياتي..

لكني بدأت أشعر حقاً بالمرض.. لقد أدت بي هذه العزلة لمزيد من القلق والخوف من مواجهة الآخرين.. فأصبحت أشعر برعشة في أطرافي حين أضطر للجلوس مع ضيفة ولا أستطيع رفع نظراتي عن الأرض من شدة الارتباك..

لم أعد قادرة على الحديث حتى مع أفراد أسرتي فقد بدأت اللعثمة تزداد في كلامي وأصبحت أشعر بأن الجميع يهزأ بي وينتظر أخطائي حين أتكلم..

كنت أعلم أنني مريضة وأن بي خللاً نفسياً يمكن علاجه.. ولكن أحداً لم يراع ذلك بي.. لقد ازداد استهزاء أهلي بي دون أن يعلموا أن هذا يزيد حالتي سوءاً.. كانوا يعتقدون أني أفعل هذا بإرادة مني، ولم يقدروا يوماً العذاب الذي أتعذبه داخل نفسي بسبب هذه المشكلة.. لم يستوعبوا يوماً أني أقضي ليالٍ طويلة وأنا أبكي لأني لم أستطع شرح عذري لشخص أو لأنني تسببت في ضحك الجميع على تصرف قمت به..

إنه أمرٌ مؤلم.. مؤلم بشكل لا يمكن وصفه.. أن تشعر أنك مخلوق ضعيف.. وأن الناس كلهم أعداءك.. ولا يفهمونك ولا يتركون لك المجال لتثبت نفسك أمامهم..

لكن أهلي لم يقدروا الألم الذي أعيشه.. ولم يسعوا مرة لأن يفهموني..

كنت أشعر بالوحدة والغربة في قعر بيتي.. فالجميع مشغول.. أبي بعمله وخروجه المستمر.. وأمي بعملها وزياراتها العائلية.. وأخوتي بلعبهم وبالكمبيوتر..
وأنا الوحيدة في هذا البيت التي تعيش دون أن تتحدث مع أحد أو يتحدث معها أحد..


وبعد سنوات مريرة من المكوث في البيت.. بدأت أشعر بنظرات الناس تزداد قسوة.. (لماذا لم تتزوج؟) .. (هل ترفض الزواج؟) .. (مسكينة.. لا دراسة ولا عمل ولا زواج؟!)

شعرت بالأنصال الحادة تمزق قلبي وكأن هذا هو ما ينقصني.. المزيد من الاستهزاء والاحتقار..

عندها شعرت بأني بدأت أصاب بعقدة نفسية حقيقية وبخوف شديد جداً من مقابلة الناس.. أصبحت أكرههم وأخاف من الجلوس معهم لدرجة الرعب..

وذات مرة حين حاولت أمي إجباري على النزول للسلام على بعض القريبات في منزلنا.. رفضت ثم أخذت أبكي وحين ازداد إصرار أمي.. أخذت أصرخ بقوة لم أصرخ مثلها من قبل.. فقد شعرت أني لو سقت إلى الموت لكان أرحم على قلبي من أساق للجلوس مع الناس الذين أخاف منهم وأكرههم.. وحين رأت أمي الرجفة التي سيطرت عليّ انتابها ذعر شديد.. ولم ألبث حتى شعرت بأنفاسي تتوقف من شدة التأثر والخوف والصراخ..

حاولت أن أسترد أنفاسي لكني لم أستطع..

كنت كمن يغرق ويبحث عن نفس واحد.. دون جدوى..

أيقنت أن الموت قريب مني جداً.. وضعت إحدى يدي على عنقي وأخذت أشير بيدي لأعلى أطلب نفساً وأنا أرى أمي تبكي وكأني في حلم.. وكان وجهها الباكي آخر ما رأيت.. ثم.. وقعت في إغماءة..

وحين أفقت.. كنت في المستشفى.. حيث كل شيء أبيض..

وعرفت من أبي الذي كان ودوداً جداً معي.. أني أصبت بانهيار عصبي حاد.. وأن طبيبة نفسية ستشرف على علاجي.. شعرت لأول وهلة بطعنة حادة.. طبيبة نفسية؟.. لماذا.. هل ينقصني أن ينعتني الناس بالمجنونة؟!

لكن تمالكت وقررت خوض التجربة..

كانت طبيبة حنونة وطيبة.. وكانت تذكرني دائماً بالله وبالأجر الذي ينتظرني على احتسابي لهذا الابتلاء.. أشعرتني بأني قوية وأني قادرة على تجاوز كل هذا.. وكل ما أحتاجه هو فقط شيء من الإرادة والعزم..

وحين سألتني.. لماذا يا مي؟ لماذا تركت نفسك تعانين من هذا الرهاب الاجتماعي الحاد طوال تلك الفترة دون علاج؟ طأطأت رأسي وأخبرتها أن أحداً لم يساعدني ولم يقدم لي العون.. إن أحداً لم يستمع يوماً لي ولم يناقشني في سبب مشكلتي.. لذا لم أعرف كيف أواجه هذا المرض الذي أخذ يزداد مع انعزالي عن الآخرين..

وضعت الطبيبة أوراقها جانباً على سريري.. ثم قالت..
إن المسألة يا عزيزتي ليست في من يدفعك نحو القرار.. إنه قرارك أنت.. لو أصبحت صديقة لنفسك وواجهتها بهذه المشكلة من قبل لعرفت أن الحل سهل جداً بإذن الله.. لقد كان أمامك خيارين: إما مواجهة نفسك وتقوية شخصيتك مع الاستعانة بالله.. وإما بالبحث عن طبيبة نفسية صالحة تفرغين لديها ما تشعرين به من رهاب.. إنها مشيئة الله أن تتأخري في العلاج لكن من رحمته أن استطعت الآن البدء بتجاوز هذا المرض ولله الحمد..


ومع تكرر جلسات العلاج.. بدأت أشعر بتحسن كبير.. لم يكن التحسن راجعاً للعلاج ذاته ولكن للثقة التي بدأت الطبيبة تزرعها في نفسي.. كما كان لحديثي المتواصل معها أثر في تحسن أسلوب حديثي..

لقد تغيرت حياتي بعد ذلك.. خاصة حين التحقت بدورة الإلقاء التي نصحتني بها الدكتورة.. والتي شجعتني على تنسيق أسلوب حديثي..

لم يتغير شيء من حولي.. فأبي وأمي لم يتغيرا كثيراً.. لا زالت الفجوة بيني وبين أسرتي كبيرة.. ولا زلت أشعر أن أحداً لا يفهمني.. لكني عرفت معاني أجمل للحياة..

وعرفت أنك ترى الحياة كما يصورها لك عقلك أنت..

لم تكن حياتي هي الأفضل لكنها لم تكن الأسوأ.. وهذا ما لم ألتفت إليه..

لقد كانت لدي الكثير من المميزات لكني لم أكن أرى سوى عيوبي فصرت أشعر بالنقص والضعف..

أما الآن.. فقد اختلفت الصورة.. وأصبحت أحاول النظر للمميزات وللجانب الأفضل.. وأدعو الله أن أبقى هكذا حامدة شاكرة متوكلة على الله.. مهما ساءت الظروف..

**
مجلة حياة العدد (39) رجب 1424هـ




- 8 -

أبي . .
والحب. .
وسارة. .
وأشياء أخرى. .

سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Ah-t-40

في طفولتي كنت أجهل أشياء كثيرة. .
وكنت أعتقد أني أعرف أشياء كثيرة. .
ومثل كل الأطفال كنت أعتقد أن والديَّ قادران على حمايتي من كل شيء في هذا العالم الكبير . . ويقدران على توفير كل ما أطلبه وأحتاجه. .
لكن حين كبرت . . عرفت أني كنت أجهل أكثر مما كنت أتصور وكنت أعرف أقل مما كان بإمكاني أن أتخيل . . .
كان والدي يدللني كثيراً ولا يرفض لي أي طلب . . فقد كنت ابنته المدللة بين ثلاثة صبيان هم أخوتي . .


وكان أثر ذلك شديد الوضوح على تصرفاتي وأفكاري.. فقد كنت متميزة بين زميلاتي في المدرسة بملابسي وأدواتي المدرسية الفاخرة وكنت أدرس في إحدى أغلى وأرقى المدارس الخاصة في مدينتي.. لكني في المقابل كنت سطحية الفكر.. لا أهتم إلا بنفسي وأناقتي وزينتي وبمباهاة زميلاتي بسفراتنا المتعددة..

لم يكن لي صديقة محددة فقد كان الجميع يسايرني وكان من مصادر الفخر لأي فتاة في المدرسة أن تسير معي لكن أي فتاة لم تكن صديقة حميمة لي في يوم من الأيام..

كنت أبدو دائماً كفتاة واثقة مغرورة محاطة بكثير من الصديقات لكن في الحقيقة كنت دائماً وحيدة وهذا ما كان يجهله الجميع..

لم أشعر يوماً بالعطف أو الرحمة لغيري... كنت قاسية بشكل لا يصدق.. وحين أتذكر ذلك أستغرب من نفسي.. فلم أحب يوماً الأطفال ولم أتعاطف كثيراً مع الفقراء والمساكين.. كنت أعتقد أنهم جميعاً يكذبون ويتظاهرون.. ولأني لم أجرب يوماً معنى الحاجة والفقر .. لم أكن قادرة على تخيل ذلك الشعور والألم..

كان والدي يمتلك شركة كبرى للمقاولات، كان يشرف على عقود بناء منازل وقصور كبرى.. وكان وضعه المادي ممتازاً جداً حتى أني كنت أعتقد أنه أغنى رجل في العالم في طفولتي..

أما أمي فقد كانت تهتم بالرسم والنحت ومنذ صغري وأنا أراها مشغولة دائماً في مرسمها ولم أكن أحتاج للكثير من الذوق لأكتشف أنها لم تكن تمتلك موهبة مميزة جداً.. لكن أبي بوضعه المادي استطاع أن يدعمها ويقيم لها الكثير من المعارض داخل البلاد وخارجها مما جعل اسمها معروفاً على مستوى المجتمع وأصبحت تعد من الفنانات المعروفات على مستوى المملكة .. بل والخليج..

لم أكن أشعر بالاهتمام الحقيقي من قبل والديَّ.. فرغم أنهما كانا يعاملانني بمنتهى الرقة والحنان والأدب.. إلا أن أحداً منهما لم يكن يسألني عن اهتماماتي أو مشاكلي..

كانت حياتي تمضي يوماً بعد يوم بلا معنى ولا هدف.. فوالدي دائماً مشغولان .. وأنا طلباتي كلها محققة وليس هناك ما أطلبه أو أبحث عنه .. لكني لم أشعر يوماً بطعم السعادة..

وذات يوم شعرت أن شيئاً ما قد حدث..

كان أبي مهموماً جداً وبدا القلق عليه بشكل مخيف.. حتى أمي كانت خائفة وتتحدث بصوت خفيض مرعوب معه..

- ماما .. ماذا هناك؟

- لا شيء .. يا لبنى.. اذهبي حبيبتي لغرفتك هيا.. فرشي أسنانك واذهبي الآن..

- أمي.. أنا لم أعد طفلة..
نظرت إليها بغضب..
- عمري الآن ستة عشر عاماً.. أرجوك لا تعامليني كطفلة.. اخبريني ماذا يحصل؟


نظرت إليَّ طويلاً ثم مسحت بيدها على رأسي..
- قلت لك لا شيء يا حبيبتي.. بابا يمر بمشكلة في عمله وسيتجاوزها بإذن الله.


علمت أنها لن تعطيني معلومات أكثر.. فصمت وذهبت لسريري..

لكن الأمور بدأت تزداد سوءاً.. وكنت أرى أبي يفقد وزنه يوماً بعد يوم ويزداد عصبية.. ومكالماته تزداد صراخاً وتوتراً..

وذات صباح استيقظت لأجد أن أبي ليس في المنزل.. وأمي تبكي في الصالون.. وعلمت أن شيئاً خطيراً قد حدث..

جلست قرب أمي بهدوء.. وأنا صامتة.. وانتظرتها حتى تكلمت.
- لقد ذهب أباك .. أخذوه.. استمريت ساكتة وكأني أشاهد فيلماً عجيباً لا أستطيع أن أخمن أحداثه..
- ذلك الشريك الوغد.. لقد سرق والدك وتركه بلا سيولة..
استمرت تبكي... ثم أكملت..
- لقد أخذوه.. أخذوه.. إنهم يطالبون بعشرة ملايين .. كيف سيسددها.. بل كيف سنعيش بعدها.. كيف


صدمتني هذه العبارة.. وشعرت بصفعة قوية.. إنها لم تفكر في أبي نفسه ومصيره الآن .. لم تفكر في مشكلته .. لكن تفكر.. تفكر فقط في.. مصاريفها وتبذيرها ومن سيتكفل بمشترياتها.. بعد أن رحل أبي..

شعرت بحزن كبير يغمر قلبي ..
ليس فقط لأني فقدت والدي.. وتحطمت صورته القوية أمامي..
ليس فقط لأني شعرت بالعطف على والدي المسكين الذي تعرض للغدر والسرقة..
ولكن لأني شعرت أنه حتى أمي.. أقرب الناس إليه قد تخلت عنه وأصبحت تفكر فقط في مصير حياتها هي بعده..


بقيت لعدة أيام وأنا مصدومة بما حصل لأبي..
ولا أعرف كيف أواجه الآخرين بما حصل لأبي..


لكن الأمور مضت بشكل طبيعي حتى انتهت السنة الدراسية بعد شهرين من الحادث..

وبعدها حادثتني أمي على انفراد وأخبرتني أن ظروفنا قد تغيرت وأننا نحتاج لأن نغير من أسلوبنا في الحياة ..

وبالفعل.. حولتني أمي لمدرسة حكومية.. وأخذتني لكي نفصل مريولاً قبل بداية الدراسة.. يومها أخذت أبكي بشدة.. وسكتت أمي دون أن تقول شيئاً أو تمنعني من البكاء..

وبعد فترة اضطررنا لبيع القصر الذي نسكن فيه .. واشترينا منزلاً صغيراً.. سألت أمي:
- أمي لقد بعنا القصر بأربعة ملايين ألن تسددي منها شيئاً من دين أبي..
- اسكتي لا دخل لك بهذه الأمور..


كان أبي قد سجل كل شيء باسم أمي لأنه لم يعتقد يوماً أنها قد تتخلى عنه كما تفعل الآن..

وذات مرة عرفت من ابنة خالتي أن أمي قد طلقت من أبي.. لم أصدقها بالطبع.. واعتقدت أنها تختلق الأكاذيب كعادتها..

لكن حين عدت إلى البيت أسرعت لأمي لأخبرها بما قالته هالة..
لكنها صمت ولم ترد عليَّ..


- أمي أرجوك أخبريني بالحقيقة ماذا حصل؟..
- لبنى هذه الأمور للكبار ولا دخل لك بها..


أخذت أبكي بحرقة..
- أمي أخبريني بالحقيقة .. سألتحق بالجامعة بعد سنة واحدة .. إنني كبيرة الآن.. أرجوك أخبريني ما الذي يحصل.. هل ما قالته هالة صحيح.. التفتت بغضب ونظرت إليَّ وفرشاتها بيدها..
- لبنى !.. انظري إليَّ إنني أكافح من أجلكم.. ولا أستطيع أن أبقى هكذا معلقة .. والدك قد يمضي أكثر من عشر سنوات في السجن .. لن أبقى زوجة لرجل مسجون .. لقد جلب لنا العار وتركنا عرضة للفقر.. ماذا تريدين منه؟هه؟


لم أكن قادرة على الحديث وقد الجمتني الدموع..
- أمي حرام عليك حرام ما تفعلينه بأبي.. لقد أمضى عمره وهو لا يحرمنا من أي شيء.. وأنت الآن تتخلين عنه ..
لماذا؟ ألا تملكين قلباً.. ألا ترحمين؟..


وذهبت لغرفتي وأنا أبكي.. وقد أيقنت أن أشياء كثيرة تحطمت في داخلي..

عرفت أن المال لا يشتري النفوس.. ولا يشتري الحب ولا الصدق ولا الصداقة ..
إنه يستعيرها فقط .. يستعيرها ..


وقررت أن أكون دائماً أنا.. فلا مالي.. ولا ملابسي.. ولا حقائبي الفاخرة ستشتري لي الحب من الناس ..

وفي مدرستي الجديدة بدأت أرتبط بصداقات من نوع آخر.. إنهم هنا جميعاً لا يعرفونني.. لا يعرفون أنا ابنة من .. ولا أين أعيش ولا إلى كم دولة سافرت..
إنهم يعرفون لبنى عبد الرحمن الفتاة العادية فقط .. التي ليس لديها ما تفاخر به..


لقد انكسرت أشياء كثيرة في علاقتي مع أمي.. لكنني لا أزال أحلم بأن يعود والديَّ إلى بعضهما.. وأن نعود للعيش في أمان وسعادة .. لم احلم بالمال يوماً ولا بأن نعود للعيش في قصرنا .. فقط كنت أحلم بالحنان والحب الصادق الذي لا يشوبه كذب ولا نفاق..

في هذه الفترة التي عشت فيها محتاجة وفاقدة للأمان بعد أن فقدت والدي وفقدت الدلال والحياة المرفهة التي كنت أعيشها .. تعرفت على فتاة بسيطة كانت تجلس بقربي .. لم تكن تتميز بذكاء أو مظهر جذاب..
لكنها كانت محبوبة جداً كانت طيبة وخلوقة ومؤدبة مع الجميع.. ويوماً بعد يوم توطدت صداقتي مع سارة .. وشعرت بالأمان معها.. كانت دائماً تحثني على المحافظة على الصلاة والدعاء لوالدي.. وكانت تذكرني دائماً برحمة الله وأنه ما من ضيق إلا وبعده فرج ..
وشعرت بأني بدأت أتأثر بها .. فأصبحت فعلاً أحافظ على صلاتي .. وأحرص على العباءة الساترة التي لم أكن أهتم بها أبداً..
وشعرت بالراحة والأمان وأنا أسير نحو هدف واضح أمامي في الحياة وهو رضا ربي سبحانه وتعالى..


وذات يوم .. أخبرتني والدتي.. أن معرضها الذي أقامته في بيروت قد حقق نجاحاً باهراً وتم بيع كل لوحاتها ..
وأن اليوم قد حان لأن نعود لأسلوب حياتنا السابق خاصة مع ازدهار عمل مكتب تصميم الديكور الذي تديره ..


شعرت بحزن لأن أمي لم تكن تهتم بشيء سوى المال .. لم تعرف بأني شعرت بالسعادة فقط حين جربت هذه الحياة البسيطة التي عرفت فيها معنى الصداقة الحقيقية، واقتربت فيها من ربي فشعرت بالراحة والأمان اللذين افتقدتهما منذ زمن بعيد ..

لقد عدنا الآن إلى حياة القصور الفارهة .. والسفرات المتعددة .. وعدت لمدرسة أرقى من مدرستي الأولى .. لكني لازلت أفتقد أبي والحب ..
والحياة البسيطة و..
تواضع سارة ..


**
مجلة حياة العدد (40) شعبان 1424هـ



- 9 -

هل هذه أختك..؟

سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Ah-t-41

- معقول؟ أنت أخت نجلاء؟
- لااااا ..!! لا يمكن أن نصدق.. نجلاء أختك أنتِ؟
كنت أطأطئ رأسي بخجل وأتحدث بصوت عادي وأنا أحاول أن أتصنع لهم عدم الاهتمام..
- نعم.. ألم تكونوا تعرفون من قبل..؟
- لكن.. لكن.. نجلاء مختلفة تماماً.. إنها..
وتقاطع إحدى الفتيات الحديث قائلة لي..
- لحظة.. هل أنت متأكدة؟..نجلاء فهد التي في أول ثانوي؟.. التي تظهر في الإذاعة الصباحية.. هي أختك..؟؟ّ!
وأجيب والحرج يذيبني ومحاولاتي المصطنعة لعدم الاهتمام تبدو واضحة..
- نعم.. إنها أختي.. وماذا في ذلك؟
ثم أستسلم بألم وأعترف..
- أعرف أنها أحسن مني..
توقعت أن يشعروا بالخجل لكنهم تمادوا أكثر..
- لكن يا نورة نجلاء شكلها مختلف جداً.. فهي طويلة.. و.. جميلة.. ومتفوقة.. كما أنها جريئة وتظهر في الأنشطة والمسابقات أما أنت فعلى العكس!
- نعم.. أعرف ذلك..
- ثم.. مظهرها.. نعم.. مظهرها مختلف تماماً.. إنها تهتم بمظهرها جداً ما شاء الله..
ابتلعت هذه الغصة بألم لأني عرفت أنها تعني أن مظهري عادي أو سيء..
مرت إحدى الزميلات من بعيد فصاحت بها إحدى الجالسات من زميلاتي..
- سويّر.. سويّر.. إلحقي تعالي!!
وتأتي سارة مسرعة وخائفة..
- ماذا هناك..
- هل عرفت آخر مفاجآت الموسم؟!
- ماذا؟ خير إن شاء الله؟
- هل تعرفين نجلاء فهد التي تظهر في الإذاعة دائماً..
- نعم تلك الفتاة الجميلة الأنيقة..
- نعم.. تصوري.. إنها أخت نورة.. نورة هذه!!
- لاااااا!!.. لا يمكن.. احلفي!
- والله أقسم بالله.. اسأليها..
ويأتي دور سارة مرة أخرى.. كيف.. ولماذا .. ولا أصدق!
وأبتلع أنا غصاتي واحدة بعد الأخرى..
[size=16]

لم يكن أحد يعلم أني في الحقيقة لم أكن أر نجلاء في البيت.. فهي أختي من الأب، وقد عشت طوال حياتي مع أمي المطلقة.. أما نجلاء فهي ابنة الزوجة الثانية.. إنها الابنة المدللة لأبي رغم أنها لا تصغرني سوى بعامين.. لكن الفرق شاسع بيننا.. شاسع كما البعد بين دموع الفرحة والألم..

فوالدتي امرأة كبيرة نسبياً وهي تقريباً لا تقرأ ولا تكتب.. أما والدتها فلا زالت شابة وهي جميلة ومثقفة وتعمل في وظيفة مرموقة..

أنا تربت في بيت مشتت.. تربيت في بيت خالي.. حيث المشاكل المستمرة بين زوجته وأمي المسكينة.. وحيث الألم النفسي والبكاء والشعور بالضياع.. وحيث يموت الكبرياء ألف مرة كل يوم..
أما هي فقد تربيت في أحضان والدها ووالدتها.. تربت كطفلة مدللة هي الأولى والوحيدة لأمها والصغرى لأبيها..


عشت حياتي وأنا أعرف جيداً معنى الحرمان والفقر.. أعرف جيداً معنى أن أطلب مصروفي من خالي ونظرات زوجته تحرقني من شدة الغيظ.. فوالدي قد حرمني من المصروف مقابل أن أعيش مع أمي..
أما نجلاء فقد عاشت والمال لا معنى له لديها.. ووالدي يغدق عليها المال دون حساب وكذلك والدتها..


إذاً.. من الطبيعي أن أكون.. نورة.. الفتاة الخجولة.. المنطوية.. الكسيرة.. الفاقدة للثقة بنفسها والمهملة لمظهرها..
بينما هي.. نجلاء الفتاة الطموحة الواثقة المتفوقة والأنيقة..


ورغم كل ذلك.. لم أكن أشعر بأي حقد عليها ولا بأي غيرة تجاهها.. لكن في نفس الوقت.. لم أكن أحبها بصراحة..
كانت علاقتها بي عادية جداً وشبه فاترة.. فقد كانت تعاملني كإحدى قريباتها من بعيد.. السلام عليكم.. عليكم السلام..فقط!


إنه شعور محزن أن تشعر بأن هناك من ينتمي إليك.. من لحمك ودمك.. لكن روحك تختلف عن روحه.. ومشاعرك لا تجد لها عبثاً أي صلة بمشاعره..

حين كنت أراها تمر في المدرسة وأرى حذائها الرياضي الجديد .. وحقيبتها ذات الماركة العالمية.. وشعرها المقصوص بعناية بالغة.. بينما في يدها دفتر فاخر جداً.. كانت لسعة ساخنة تضرب قلبي كسوط قاسٍ.. وتترك حرارة تتوهج ألماً داخله لأيام طويلة..

وحين أستلقي على سريري في نهاية يوم متعب.. وأجيل نظري في غرفتي الضيقة التي تشاركني فيها والدتي.. أنظر لدولابنا القديم الذي سقط أحد أبوابه.. وللمرآة المشدوخة التي تنكسر فيها صورتي كل صباح.. ثم أنظر لكتبي التي وضعتها على الأرض حيث لا يوجد لي مكتب..
ثم أتذكر شكل غرفة نجلاء حين زرتها الصيف الماضي.. حيث المفارش الوردية.. والستائر الرقيقة.. والدمى الملونة.. والثلاجة المليئة بأنواع الحلوى..


حين أقارن لوهلة.. أشعر بغصة وألم في حنجرتي.. وأشتهي البكاء.. فأضع نفسي تحت الغطاء الخشن.. وأبكي بحرقة.. وأكتم صوتي حتى لا تشعر بي أمي.. ثم أبكي.. وأشهق وأنا أرتجف لكيلا يعلو صوتي في الظلام فأوقظ أمي..

هل نجلاء أختي؟ من لحمي ودمي؟.. كيف نحمل أنا وهي اسم أب واحد.. وكل تلك المسافات الشاسعة تفصلنا؟.. كيف؟

لم تكن زميلة من زميلاتي تعرف شيئاً من معاناتي.. ولا وضعي..
لم تكن واحدة منهن تتخيل مدى الألم الذي أتجرعه.. ولم تكن إحداهن تعرف معنى أن تشعر باليتم ووالدها حي كما أعرف أنا جيداً.. لم يكن أحد جرب معنى الظلم دون أن يكون له يد في ما يحصل كما جربته أنا..
كن ينثرن الملح على الجروح الغائرة بكل قسوة دون أن يعرفن..
لكنني كنت أصمت وأتظاهر بأن شيئاً لم يحدث..


[color=navy]لم أشعر بهذا المقدار من الألم في حياتي.. ليس قبل هذه السنة فقط.. حين أصبحت نجلاء معي في المدرسة الثانوية لأول مرة في
المدير العام
المدير العام
المدير العام
المدير العام

علم بلدك علم بلدك : سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Male_e10
ذكر الميزان
عدد المساهمات : 8474
نقاط : 2147488620
تاريخ الميلاد : 28/09/1986

تاريخ التسجيل : 07/10/2010

العمر : 37
الموقع : https://egyfree.ahlamontada.com
العمل/الترفيه : محاسب عام

الوظيفة : سلسلة { اعترافات فتاة } (2)  Accoun10
المزاج : الحمد لله على كل حال

https://egyfree.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى